للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكفَّيها) (١) فتأوّل الشافعي (ما ظهر منها) بالوجه والكفَّين، إذ هما مظنّة الظهور. ورجح تأويلَه ما روي عن عائشة أن أسماء بنت أبي بكر الصدِّيق دخلت عليها، وعندها النبي ، في ثياب شامية رقاق، فضرب رسول الله إلى الأرض ببصره وقال: "ما هذا يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا" وأشار إلى كفه ووجهه (٢).

ب - ومنه أيضًا: تأويل الصلاة بالعزم عليها في قوله جلّ وعلا: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦)[المائدة]

فإن القيام إلى الصلاة في هذه الآية مصروف عن معناه الظاهر إلى معنًى قريب محتمل، وهو العزم على أداء الصلاة.

والذي رجع هذا الاحتمال: أن الشارع لا يطلب الوضوء من المكلفين بعد الشروع في الصلاة، إذ الوضوء شرط لصحتها، والشرط يوجد قبل المشروط لا بعده. وهو معنًى قريب يتبادر فهمه بمجرد قراءة الآية، أو سماعها (٣).

[من التأويل البعيد]

أ - ومن التأويل البعيد: ما جنح إليه القائلون بوجوب مسح الرجلين في الوضوء لا غسلهما (٤) وذلك في قوله تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾.


(١) راجع: "السنن الكبرى" للبيهقي (٧/ ٨٤).
(٢) راجع: المصدر السابق (٧٦٧).
(٣) انظر: "أصول الفقه" لأستاذنا الشيخ زكريا البرديسي (ص ٣٨٩ - ٣٩٠)، "دلالة الكتاب والسنّة على الأحكام الشرعية" للشيخ زكي الدين شعبان (ص ١٧).
(٤) "نهاية الوصول إلى علم الأصول" للمطهر الحلي (ق ١٤٠) مخطوطة دار الكتب المصرية، "المختصر النافع" في فقه الإمامية لأبي القاسم الحلي المتوفى سنة ٦٧٦ هـ (١/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>