للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمراد من الدخول في الإشكال عند شمس الأئمة السرخسي، هو ما أُريد من كلام صاحب "التقويم".

والتعبير بالغموض في المعنى والاستعارة البديعة - كما جاء في كلام أبي زيد - أشار إليه فخر الإسلام البزدوي، حين قرر أن الخفاء في المشكل هو فوقه في الخفي، وبين أن مرد ذلك غموض في المعنى، واستعارة بديعة (١). ثم تابع الدبوسيَّ والبزدويّ المتأخرون، كما رأينا عند صاحب "المرأة".

وفي ضوء ما ذكر واستنادًا إلى ما قالوه في الفرق بين المشكل والخفي نستطيع أن نقرر: أن (المشكل اسم لما خفيَ المراد منه باللفظ نفسه، لدخوله في أشكاله، بحيث لا يدرك ذلك المراد، إلا بقرينة تميزه عن غيره، وذلك عن طريق البحث والتأمُّل بعد الطلب).

[منشأ الإشكال]

١ - قد ينشأ الإشكال في المشكل من غموض في المعنى، بحيث يحتمل اللفظ في أصل وضعه المعانيَ المتعددة حقيقة، ويكون المراد منها واحدًا؛ لكنه قد دخل في إشكاله - وهي تلك المعاني المتعددة - فاختفى عن السامع وصار محتاجًا إلى الاجتهاد في تمييزه بدليل.

وذلك كما في الألفاظ المشتركة؛ فإن اللفظ المشترك موضوع لغةً لأكثرَ من معنًى واحد، وليس في صيغته دلالة على معنى معين من المعاني التي وضع لها. وعلى ذلك فلا بد من الاجتهاد؛ وذلك بالتأمُّل بعد الطلب، لتمييز المعنى المراد عن غيره، بقرينة خارجية تعيّنه وتدل عليه.

٢ - وقد يكون منشأ الإشكال: أن يُستعمل معنى مجازيٌّ للفظ من الألفاظ حتى يشتهر به، مع أنه موضوع في الأصل لمعنى آخر على سبيل الحقيقة.


(١) راجع: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" (١/ ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>