للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ومن المحال أن يُحدِث أحد نفسه - صح أن اللفظ لم يأت قط ليشمل الخالق فيما ذكر أنه خلقه (١).

أما الآية الثانية: فواقع الحال يدل على أن العموم المقصود: هو ما قام في العقل، لا العموم على إطلاقه.

فالمخبرون لهؤلاء بأن الناس قد جمعوا لهم: غير الناس المخبرين لهم. والناس الجامعون لهم: غير الناس المخبرين لهم - كما هو معلوم - والطائفتان معًا: غير الطائفة المجموع لها (٢).

وهكذا خرجت الألفاظ عن موضوعها في اللغة بدليل، وهذا ما لا ينكره ابن حزم. لذا يقول: (وإنما ننكر دعوى إخراج الألفاظ عن مفهومها بلا دليل) (٣).

[الحجة الرابعة]

وهذه حجة لأرباب الوقف رأينا غير ابن حزم يوردها على لسان الواقفية. وهي حجة اعتبرها هو من التمويه أيضًا، وهي قولهم: لو كان للعموم صيغة تقتضيه ولفظ موضوع له، لما كان لدخول التأكيد عليه معني؛ لأنه كان يلتقي في ذلك باللفظ الدال على العموم.

وقد أحسن حين قرر بوضوح: أنه لو كان هذا صحيحًا: لكان كلامهم متناقضًا؛ لأنا نجد التأكيد يأتي مرتين وثلاثًا، فلو كان التأكيد الأول يأتي لإخراج اللفظ من الخصوص إلى العموم، لكان التأكيد الثاني مثله أيضًا، ولوجب أن يكون مُخرجًا للكلام المؤكد بالتأكيد الأول عن الخصوص إلى العموم؛ فكان يكون التأكيد الأولى خصوصًا عمومًا معًا وهذا


(١) راجع: "الإحكام" (٣/ ١٠٤) فما بعدها.
(٢) راجع: "الرسالة" للشافعي (ص ٥٨ - ٦٠)، "الإنصاف" للبطليوسي (ص ٩٣).
(٣) انظر: "الإحكام" (٣/ ١٠٤)، وراجع: "الصاحبي" لابن فارس (ص ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>