للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسفل الفقر، وفي الأعلى الغنى. والمعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، كما هو المروي عن أبي يوسف نفسه (١).

ب - هذا: وقد مثّل عبد العزيز البخاري لهذا النوع من المجمَل أيضًا، ببعض أسماء الأضداد، لانسداد باب الترجيح فيها لغة. وذلك كلفظ (الصريم) فإنه يطلق في اللغة على الصبح والليل، وكلفظ (الناهل) الذي أطلقه العرب على الريّان والعطشان (٢).

ما نراه في هذا النوع من المجمَل:

والذي نراه، أن هذا النوع من المجمَل، الذي يقوم على تساوي المعاني وانسداد باب الترجيح: لا مكان له في نصوص الأحكام من كتاب الله، أو سنة رسوله المبيِّنة عن الله ما أراد.

وعمدتنا في ذلك، ما هو المختار عند العلماء - كما سلف - من أن صاحب الرسالة الذي أرسله الله بلسان قومه، لم ينتقل إلى جوار ربه حتى أدّى الأمانة وحقق ما أمره الله، من بيان كتابه المنزَل على عباده. وفي غير ذلك اتهام لمقام النبوة بعدم الخروج عن العهدة في امتثال ما أمر الله، وتحقيق ما جاء في الآية الكريمة ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤] وحاشا لله أن يكون ذلك؛ كيف والواقع العملي في السنّة - وهي المصدر الثاني من مصادر الشريعة - خير دليل على ما نقول.

ولقد نُقلت إلينا السنّة نقلًا وافيًا، يتسم - إلى جانب المنهج العلمي


(١) انظر: "العناية شرح الهداية" (٨/ ٤٧٧).
(٢) جاء في "اللسان" مادة (نهل) عن الجوهري وغيره: الناهل في كلام العرب: العطشان، والناهل: الذي شرب حتى روي. والناهل: العطشان، والريان، وهو من الأعداد، وقال النابغة:
الطاعن الطعنة يوم الوغى … يشرب منها الأسل الناهل
جعل الرماح كأنها تعطشت إلى الدم فإذا شرعت فيه رويت. وقال أبو عبيد: هو هاهنا الشارب وإن شئت العطشان، وقال أبو الوليد: ينهل: يشرب منه الأسل الشارب. وراجع المادة في "القاموس المحيط" (٤/ ١٣٩)، "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>