للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرواية، وذلك لبقاء الموصى له مجهولًا بناء على تعذر العمل بعموم اللفظ، وعدم ترجيح صنف من الموالي على صنف آخر (١).

وهذا مبني على أن الحنفية - كما سيأتي في مبحث مشترك - لا يرون استعمال المشترك في جميع معانيه التي يدل على كل منها بعبارة واحدة: لأنه لا عموم له عندهم.

وعلى هذا فما دامت قرينة الترجيح لم تتوافر؛ فلفظ (الموالي) مجمل لا سبيل إلى بيانه - ليزول ما لحقه من غموض وخفاء - إلا من قِبَل المجمِل وهو الموصي نفسُه.

وبما أن البيان لم يحصل، وذلك نتيجة لموت الموصي دون أن يبين الصنف الذي يريد - فيكون الموصى له معلومًا -: حكم ببطلان تلك الوصية (٢).

جاء في الهداية (ومَن أوصى المواليه، وله موال أعتقهم، وموال أعتقوه، فالوصية باطلة) (٣).

على أنه قد روي عن الإمام أبي يوسف، القول بترجيح الموالي الذين أعتقوا الموصي وإعطائِهم الوصية، محتجًا لذلك بأن القيام بشكر المنعم واجب، وفضل الإنعام في حق المنعم عليه: مندوب، والصرف إلى الواجب أوْلى منه إلى المندوب.

ونحن مع صاحب "العناية" الذي لم يرتضِ هذا الترجيح، وأجاب عما احتجّ به أبو يوسف، بأن جهة المعتِقين التي رجحها، معارَضة بجهة أخرى مردُّها إلى العرف الذي جرى بوصية ثلث المال للفقراء، والغالب في المولى


(١) راجع: "الهداية" مع "العناية"، و"نتائج الأفكار" (٨/ ٤٧٧).
(٢) راجع: "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٤٣ - ٥٥)، "التلويح" مع "التوضيح" (١/ ١٢٧)، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ١٥٩)، "الهداية" بشرح العناية مع "نتائج الأفكار" (٨/ ٤٧٧).
(٣) راجع: "الهداية" بشرح "العناية" مع "نتائج الأفكار" لقاضي زاده (٨/ ٤٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>