ويستنبط أبو محمد من هذا الخبر أنه إذا كان محمد بن عبد الله الموحى إليه لا يؤول القرآن إلا بوحي، فأوْلى ألا يؤوله أحد من بعده إلا لظاهر آخر. وذلك قوله:(فإذا كان النبي ﷺ لا يتأول شيئًا من القرآن إلا بوحي فيُخرجه عن ظاهره إلى التأويل؛ فمَن فعل خلاف ذلك فقد خالف الله تعالى ورسوله ﷺ. وقد نهى تعالى وحرّم أن يقال عليه ما لم يعلمه القاتل.
وإذا كنا لا نعلم إلا ما علمنا: فترك الظاهر الذي علمناه وتعديه - إلى تأويل لم يأتِ به ظاهر آخر - حرامٌ وفسق ومعصية للّه تعالى.
وقد أنذر الله تعالى وأعذر، فمَن أبصر فلنفسه ومَن عمي فعليها.
ثم أخرج ابن حزم عن جعفر بن برقان أنه قال: قال أبو هريرة: يا ابن أخي إذا حدّثت بالحديث عن رسول الله ﷺ فلا تضرب له الأمثال.
قال أبو محمد: (وصدق أبو هريرة ﵁ ونصح وبالله تعالى التوفيق) (١).
[أثر منهج ابن حزم في العموم والخصوص والأمر والنهي]
علمنا في صدر مبحث التأويل، أن العموم والخصوص والأمر والنهي: من المجالات المتسعة للتأويل؛ فتخصيص العام، وصرف الأمر عن الوجوب إلى الندب، وصرف النهي عن التحريم إلى كراهة التنزيه: كل ذلك من باب التأويل. ولا بد لهذا الصرف من استيفاء الشروط التي وضعها العلماء.
ونحن الآن لسنا في صدد بحث العموم والخصوص والأمر والنهي، فسيأتي ذلك في موطنه إن شاء الله. ولكنها لمحة عابرة لإظهار الأثر الناجم عن موقف الظاهرية من التأويل.
وذلك في نظرة ابن حزم إلى العموم والخصوص ومدلول كلِّ من الأمر والنهي.
١ - فالألفاظ عند ابن حزم على العموم، إلا ما أخرجه عن العموم دليل حق.
(١) راجع: "الإحكام في أصول الأحكام" لابن حزم (٣/ ٤٤).