للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] وصوم التمتع الوارد مقيدًا بالتفريق في قوله: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦] وصوم كفارة الظهار الوارد مقيدًا بالتتابع في قوله: ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ [المجادلة: ٤] قال: فمن زعم أن المطلق يتقيَّد بالمقيد لفظًا: ترك المطلق هاهنا على إطلاقه، لأنه ليس تقييده بأحدهما أولى من تقييده بالآخر، ومن حمل المطلق على المقيد للقياس: حمله هاهنا على ما كان القياس عليه أولى). وهذه قاعدة يظهر أثرها في كثير من الأحكام (١).

وقد منع الحنفية الحمل عن طريق القياس أيضًا، لأن القياس يجب ألا يعارضه مقتضى نص في المقيس، وحمل المطلق على المقيد هنا: رفعٌ لما اقتضاء المطلق من إجزاء المقيد وغيره، وحكمٌ بأن غير المقيد لا يجزئ، ففي مثالنا: حين نحمل المطلق على المقيد، لا يخرج المكلف عن العهدة إلا بتحرير الرقبة المقيدة بالإيمان، حتى في كفارة الظهار. وهذا رفع لما يقتضيه المطلق من إجزاء أي رقبة، سواء أكانت مؤمنة أم لم تكن (٢).

* * *

[المطلب الثاني شروط حمل المطلق على المقيد]

لقد أحاط القائلون بحمل المطلق على المقيد مذهبهم بإطار من الاحتراس والدقة، فاشترطوا للحمل شروطًا، أوصلها الشوكاني في "إرشاد الفحول" إلى سبعة (٣)، معظمها متفق عليه، نذكر أهمها فيما يلي:


(١) "المحصول" للرازي (ح ١ ق ٣/ ٢٢٢)، "نهاية السول" للإسنوي (٢/ ١٨١) مع البدخشي، "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص ١٥٦).
(٢) راجع: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" (٢/ ٦٠٨). "فتح القدير" لابن الهمام (٣/ ٢٣٥)، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٢٩٦) فما بعدها.
(٣) انظر: "البرهان" للزركشي (٢/ ١٥ - ١٨)، "إرشاد الفحول" (ص ١٦٦ - ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>