للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن يكون المقيد من باب الصفات، مع ثبوت الذوات في الموضعين، فأما في إثبات أصل الحكم من زيادة أو عدد: فلا يحمل المطلق على المقيد.

وذلك كما في إيجاب غسل الأعضاء الأربعة بقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦] مع الاقتصار على عضوين في التيمم يقوله سبحانه: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [المائدة: ٦] فإن الاتفاق حاصل على أن المطلق لا يحمل على المقيد في هذين النصين في آية الوضوء، وذلك لأن في الحمل إثبات حكم لم يذكر، وحملُ المطلق على المقيد يختص - كما ذكرنا - بالصفات.

الثاني: أن لا يكون للمطلق إلا أصل واحد، كما في تقييد ميراث الزوجين بأن يكون بعد الوصية والدَّين، وذلك بقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: ١٢] مع إطلاق الميراث فيما أطلق فيه، فيكون ما أطلق من المواريث كلها مقيدًا بأن يكون بعد الوصية والدين.

الثالث: أن يكون المطلق والمقيد على صورة لا يمكن معها الجمع بينهما إلا بالحمل، لأن إعمالهما ما أمكن، أولى من تعطيل ما دل عليه أحدهما (١).

الرابع: أن لا يذكر مع المقيد قدر زائد يشعر أن القيد إنما كان لأجل ذلك القدر الزائد، فإذا كان الأمر كذلك، فالمقطوع به عدم جواز الحمل.

الخامس: أن لا يقوم دليل يمنع من التقييد؛ فإن قام دليل على ذلك لم يصبح حمل المطلق على المقيد (٢).


(١) ينقل الشوكاني أن ابن الرفعة من الشافعية قد ذكر هذا الشرط في كتابه "المطلب". "إرشاد الفحول" (ص ١٦٦).
(٢) راجع "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٦٤)، "إرشاد الفحول" (ص ١٦٨)، "الفروق" (١/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>