للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الحالة الثانية: جاء التكرار من دليل شرعي في كل شرط.

وفي رأينا: أن موقفًا كهذا، لا يعتبر إلا القرينة أو الدليل، لا يساعد - في الأصل - على ادعاء الاتفاق في الشكل الذي صوره الآمدي، ووافقه عليه ابن الحاجب وشارحه العضد.

فإذا ضم هذا إلى موقف الإمام الرازي الذي اختاره القاضي البيضاوي، كان ادعاء الاتفاق الذي أراده الآمدي محل نظر كما قال الإسنوي.

[المسالك الأساسية بين الحنفية والمتكلمين]

وهكذا نرى أننا في مسألة اقتضاء التكرار في الأمر المعلق بشرط أو المقيد بوصف، سواء أشعر ذلك بالعلية أم لا: أمام ثلاثة مسالك:

الأولى: مسلك القائلين بأن الأمر إذا علق بشرط أو قيد بوصف، يقتضي التكرار لفظًا أي الوضع، وهم القائلون بأن الأمر المطلق يقتضي التكرار، بل قولهم هنا يكون بالأولى، ثم الفئة من الحنفية التي ذكرها البزدوي ثم لم ينف ذلك عنها. وذكرها السرخسي ونفى ذلك عنها. وتابع البزدوي في ذلك من تابعه من المتأخرين كما أسلفنا الحديث عنهم، حيث يقولون: وقال بعض علمائنا يقتضي التكرار إذا علق بشرط أو قيد بوصف (١).

الثاني: مسلك القائلين بعدم التكرار، سواء أشعر التعليق بالعلِّية أم (٢).


(١) انظر ما سلف (٢/ ٢٤٥).
(٢) لقد نقلنا من قبل أن الإسنوي في "نهاية السول" (٢/ ٥٠) لم يرتض من الآمدي وابن الحاجب ادعاءهما الاتفاق على أن ما ثبت من الشرط أو الصفة كونه علة لوجوب الفعل المأمور به فإن الفعل يتكرر بتكرره: كالزنى لإقامة الحد واعتبارهما الخلاف فيما لم يثبت كونه علة كالإحصان، بدليل أن الإمام الرازي أورد آيتي السرقة والجنابة مع أنه قد ثبت التعليل بها. وقال صاحب "مسلم الثبوت" (١/ ٣٦٨): (فدعوى الإجماع في العلة كما في المختصر وغيره غلط). وقال هنا صاحب "فواتح الرحموت": (بعد ثبوت تحقق الخلاف على ما نحو ما حكى المصنف انتفى الإجماع قطعًا، لكن يبعد كل البعد إنكار الحكم بعد ثبوت علية العلة إلا من منكري القياس مطلقًا) فكأنه يقف موقف المستغرب لهذا القول إلا إذا كان أصحابه من الظاهرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>