للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ألا ترى أنه لو صرَّح بالتعليل فقال: أطلقها لقيامها، لم تطلق امرأة أخري له قامت) (١).

وقد نقل الإسنوي في "نهاية السول" المذهب المذكور - وهو اقتضاء الأمر المعلق التكرار قياسًا لا لفظًا - عن الإمام الرازي في "المحصول" وذكر أنه عنده المذهب المختار.

ومن هنا لم يرتض الإسنوي من الآمدي وابن الحاجب ادعاءهما الاتفاق على أن ما ثبت من الشرط أو الصفة كونه علة الوجوب الفعل المأمور به، فإن الفعل يتكرر بتكروه، كالزنى بالنسبة لإقامة الحد، وأن الاختلاف كان فيما له يثبت كونه علة كالإحصان، بدليل أن الإمام الرازي أورد الآيتين الكريمتين حين مثل بالسرقة والجنابة، مع أنه قد ثبت التعليل بهما، وتابعه في ذلك البيضاوي (٢).

ومن قبل رأينا أن التكرار عند الإمام الغزالي، مردُّه لقرينة أو دليل جديد يدل عليه، لا للتعليق نفسه، سواء أقيل: إن الشرط كالعلة والحكم يتكرر بتكرر العلة فليتكرر بتكرر الشرط، أم قيل: إن أوامر الشرع إنما تتكرر بتكرر الأسباب.

ففي الحالة الأولى: إن كانت العلة شرعية، فلا بد من القرينة وهي التعبد بالقياس.


(١) "نهاية السول مع البدخشي" (٢/ ٥٠)، وفي تقرير شيخ الإسلام الشربيني على حاشية البناني على شرح "جمع الجوامع" (١/ ٣٨٠) يقول الصفدي: (إن الشارع إذا رتب حكمًا على شرط جعله علة لذلك الحكم، وكل ما جعله الشارع علة لشيء يعتبر في الشرع عليته لذلك الشيء، بخلاف تعليل غير الشارع فإنه لا يلزم اعتباره فيه ووقع الطلاق الأول إنما هو للتعليق لا للعلية فمتى وقع لا علة لوقوع غيره لأن القيام ليس علة حتى يقع كلما وجد طلاق).
(٢) "منهاج البيضاوي" مع "نهاية السول والبدخشي" (٢/ ٥٠). وانظر: "مسلم الثبوت" (١/ ٣٨٦ - ٣٨٧). "الآيات البينات" لابن قاسم العبادي على شرح "جمع الجوامع" (٢/ ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>