للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الثاني: فهو أن في هذا الدليل إثبات الوضع بالقياس، واللغة لا تثبت بالقياس (١) وذلك ما رأيناه عند الغزالي (٢).

ونحن نميل إلى ما ذهب إليه صاحب "التلويح" من أن ما استدل به ابن الحاجب جنوح إلى إثبات اللغة بالقياس، وليس من حقنا أن نتحكم في وضع اللغة، وإنما نتلقاها سماعًا كما نطق بها أربابها واعتبروا مدلولات كلماتها في الخطاب.

[ما نراه في هذه النقطة]

إني - على رأي لي في الاستدلال العقلي لهذه النقطة - أميل إلى ما ذهب إليه ابن حزم والبزدوي والغزالي وغيرهم بأن اللغة إنما وضعت ليقع بها التفاهم، فلا بد لكل معنىً من اسم يختص به، فلا بد لعموم الأجناس من اسم، ولعموم كل نوع من اسم، وهكذا أبدًا إلى أن يكون لكل شخص اسمه (٣).

وبذلك يمكن تفادي ما ورد من اعتراض على ما جاء به أولئك المستدلون، ولعلنا لا نغالي إذا وقفنا مع الإمام أبي محمد في أن عدم القول بالعموم على الأساس المذكور: عكس للأمور على وجهها وإفسادٌ للحقائق.

ثانيًا: الاستدلال النقلي:

إذا كنا لا ننكر أهمية الاستدلال العقلي في هذا المضمار: فإن النقل هنا عن سلف هذه الأمة بعد نبيها صلوات الله وسلامه عليه أبلغ في وأقوى في الاحتجاج.


(١) "التلويح" (١/ ٣٩).
(٢) راجع ما سلف (٢/ ٥٢) فما بعدها.
(٣) انظر ما سلف (٢/ ٥٠) فما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>