للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدار أو بشراء اللحم: لم يعقل منه التكرار، ولو ذمه السيد على ترك التكرار للامه العقلاء. ولو كرر العبد الدخول: حَسُنَ من السيد أن يلومه ويقول له: إني أمرتك بالدخول وقد دخلت فيكفي ذلك، وما أمرناك بتكرار الدخول. وقد يفيد التكرار، فإنه إذا قال: (احفظ دابتي فحفظها ثم أطلقها يذم) (١).

قال : (إذا ثبت هذا فنقول: الاشتراك والمجاز خلاف الأصل، فلا بد من جعل اللفظ حقيقة في القدر المشترك بين الصورتين، وما ذلك إلا طلب إدخال ماهية المصدر في الوجود، وإذا ثبت ذلك وجب أن لا يدل على التكرار، لأن اللفظ الدال على القدر المشترك بين الصورتين المختلفتين لا دلالة فيه على ما به تمتاز إحدى الصورتين عن الأخرى، لا بالوضع ولا بالالتزام. والأمر لا دلالة فيه البتة على التكرار ولا على المرة الواحدة، بل على طلب الماهية من حيث هي هي، إلا أنه لا يمكن إدخال تلك الماهية في الوجود بأقل من المرة الواحدة، فصارت المرة الواحدة من ضروريات المأمور به، فلا جرم دل على المرة الواحدة من هذا الوجه) (٢).

[الاختلاف في مذهب إمام الحرمين ورأينا في الموضوع]

هذا: وقد ذكر الآمدي عن إمام المحرمين الجويني أنه من القائلين بأن الأمر المطلق لا يقتضي المرة ولا التكرار، ولكن يقتضي ما به يتحقق وجود الفعل، وقال ابن الحاجب: (صيغة الأمر بمجردها لا تدل على تكرار ولا على مرة وهو مختار الإمام) وجاء شارحه القاضي العضد ليقول: (صيغة الأمر بمجردها لا تدل على فعل المأمور به متكررًا ولا على فعله مرة واحدة


(١) "المحصول" للرازي (ح ١ ق ٢/ ١٦٣) فما بعد، "إرشاد الفحول" (ص ٩٣).
(٢) راجع "المحصول" للرازي (ح ١ ق ٢/ ١٦٥ - ١٦٦)، "إرشاد الفحول" (ص ٩٣)، وانظر: "مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول" للتلمساني (ص ١٨ - ١٩)، "طلعة الشمس" للسالمي (١/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>