للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن أورد على هذا أيضًا: أنه إنما يقتضي انتقاء دلالة المادة - وهي المصدر - على المرة والتكرار، والكلام في الصيغة هل هي تدل على شيء منهما أم تدل على مطلق الطلب؟ وعلى ذلك فلم لا يجوز أن تدل الصيغة على المرة والتكرار، وهو المتنازع فيه، واحتمال الصيغة لهما لا يمنع ظهور أحدهما، والمدعى إنما هو الدلالة ظاهرًا لا نصًا.

على أن الإيرادين في نظرنا: ليسا من الظهور بحيث يصلح واحد منهما للقضاء على ما أورد عليه.

فالذي نحن فيه، هو الذي يدل عليه صفة الأمر على وجه الحقيقة من الوحدة والكثرة، وقد دل استعمال اللغة أنها تدل على مطلق الطلب.

ولذا نرى القاضي العضد نفسه حين أوردهما على ابن الحاجب، أوردهما على صيغة التضعيف، حيث قال بعد أن عرض الدليلين بوضوح. (وقد يقال: دليلاك يفيدان عدم الدلالة عليهما بالمادة، فلم لا يدل عليهما بالصيغة - وهو المتنازع فيه - واحتمالهما لا يمنع ظهور أحدهما) (١).

٤ - ويرى الرازي أن الأمر قد ورد في نصوص الكتاب والسنة للتكرار، كما ورد للمرة، ويرد مثل ذلك في حق العباد، والمجاز والاشتراك خلاف الأصل. فلا بد من جعله للقدر المشترك بين التكرار والمرة، وهو ما به يتحقق وجود المأمور به، وبناء على ذلك لا يدل على التكرار ولا على المرة الواحدة. جاء في "المحصول": (أن صيغة الفعل لطلب إدخال ماهية المصدر في الوجود، فوجب أن لا تدل على التكرار).

بيان الأولى: أن المسلمين أجمعوا على أن أوامر الله تعالى منها ما جاء على التكرار كما في قوله تعالى: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾، ومنها ما جاء على غير التكرار كما في الحج.

وفي حق العباد أيضًا قد لا يفيد التكرار؛ فإن السيد إذا أمر عبده بدخول


(١) انظر: "شرح العقد لمختصر المنتهى" مع "حاشية السعد" (١/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>