للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي جمله الشرع موجبًا للحكم (١).

ففي قوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ جعل الدلوك وهو زوال الشمس (٢) سببًا موجبًا للصلاة؛ فكلما دلكت الشمس: وجبت الصلاة، فلم يتجدد وجوب الصلاة من التقييد بالوصف، وإنما تجدد بتجدد السبب وهو الدلوك.

وهكذا ارتبط الأمر هنا بالزمان المتكرر، وهو السبب، فتكرر بتكرره (٣).

[موقف صاحب "المرآة" ورأينا في المسألة]

على أن بعض المتأخرين - وهو صاحب "المرآة". أورد على القول


(١) قال : (فإن من قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق، لم تطلق بهذا اللفظ إلا مرة، وإن تكرر منها الدخول لم تطلق إلا واحدة وإن نوى أكثر من ذلك، وهذا لأن المعلق بالشرط عند وجود الشرط كالمنجز. وهذه الصيغة لا تحتمل العدد والتكرار عند التنجيز فكذلك عند التعليق بالشرط إذا وجد الشرط. وإذا اعتبرنا التعليق بالشرط معدوم الأثر كالمنجز، فالتكرار في النصوص التي يوردها أصحاب المذهب من مثل: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: ٦] و ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء: ٧٨] الخ إنما كان من تجدد السبب المقتضي لتجدد المسبب لا من مطلق الأمر أو المعلق بشرط أو المقيد يوصف؛ فلا أثر للتعليق بالشرط أو التقييد بالموصف في التكرار، وإنما جاء التكرار من تجدد السبب الذي جعله الشرع موجبًا له) "الأصول" (١/ ٢١ - ٢٢).
(٢) للدلوك معنيان: الغروب والزوال، جاء في "الكشاف" للزمخشري: (دلكت الشمس: غربت. وقيل زالت. وروي عن النبي : "أتاني جبريل لدلوك الشمس حين زالت الشمس. فصلى بي الظهر". واشتقاقه من الدلك. لأن الإنسان يدلك عينه عند النظر إليها، فإن كان الدلوك الزوال فالآية جامعة للصلوات الخمس. وإن كان الغروب فقد خرجت منها الظهر والعصر) "الكشاف" (٢/ ٥٣٥).
(٣) وهذا هو الجواب في نظر السرخسي عن كل ما يستدل به أصحاب هذا المذهب من نصوص العبادات أو المعاملات أو العقوبات التي فيها تعليق يشرط أو تقييد بوصف، وكل ما كان من تكرار فهو ناشئ من تجدد الأسباب لا من التعليق أو التقييد. والأقرع بن حابس لما أشكل عليه حكم الحج فسأل جاءه الإشكال من احتمال أن يكون سبب الحج هو الوقت، أو ما هو غير متكرر وهو البيت، والوقت شرط الأداء وفي قوله : "بل مرة" جوابًا للأقرع: بيان أن السبب الموجب بجعل الشرع إياه إنما هو البيت) "أصول السرخسي" (١/ ٢١ - ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>