للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - واحتجوا أيضًا بأن الشرط كالعلة؛ فإنه إذا وجد الشرط وجد المشروط، كما أنه إذا وجدت العلة وجد المعلول، ثم لا خلاف أن الأمر المتعلق بالعلة يتكرر بتكررها، فكذا المتعلق بالشرط (١).

وقد نسب البزدوي هذا المذهب - في خلال عرضه للمذاهب - إلى بعض مشايخ الحنفية (٢) وتابعه في ذلك من تابعه من المصنفين (٣) ونسبه السعد التفتازاني إلى الدبوسي (٤). غير أن شمس الأئمة السرخسي، بعد أن جاء على ذكر المذهب قال في موضع آخر: (والصحيح عندي أن هذا ليس بمذهب علمائنا (٥).

ويفهم من كلام السرخي الذي نراه، أنه ما دام العلماء الذين يعنيهم لم يقولوا باقتضاء التكرار في الأمر المطلق: فهم - أو فريق منهم - لا يقولون بالتكرار أيضًا، ولو كان الأمر معلقًا بشرط أو مقيدًا بوصف؛ إذ إن المعلق بالشرط يكون عند وجود الشرط كالمنجز (٦).

ثم إن السرخسي بعد أن نفي المذهب من علماء الحنفية، أيّد رأيه بمسألة من مسائل الفقه، ثم قرر أن النصوص التي يوردها أصحاب هذا المذهب، مثل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: ٦] وقوله: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء: ٧٨] إنما جاء التكرار من تجدد السبب


(١) راجع: "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٢٤).
(٢) قال : (وقال بعض مشايخنا: لا يوجبه ولا يحتمله - يعني التكرار - إلا أن يكون معلقًا بشرط أو مخصوصًا بوصف: "أصول المبزدوي" (١/ ١٢٢)، و "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ١٢٤)، وانظر: "التحرير" و"شرحه التيسير" (١/ ٣٥١) فما بعدها.
(٣) انظر مثلًا: "التوضيح" (١/ ١٥٨)، و"المنار وحواشيه" (١/ ١٣٨)، و"مرآة الأصول شرح مرقاة الوصول" (١/ ١٨٩).
(٤) راجع: "التلويح" (١/ ١٥٩).
(٥) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ٢١ - ٢٢).
(٦) انظر: المصدر السابق (١/ ٢١) فما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>