للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: وهي التي بدأت بعد القرن الخامس، حيث اشترط المتأخرون في الظاهر: عدم سَوْق الكلام للمعنى المراد، تفريقًا بينه وبين النص.

الثالثة: وهي المرحلة التي وجدت بعد وجود أصحاب هذا الرأي من المتأخرين حيث اختلفت - كما أسلفنا - نظرة الباحثين.

أ - فمن ملتزم لاتجاه المتقدمين.

ب - ومن ملتزم لاتجاه المتأخرين.

ج - ومن محايد يعرض المسألة كما يراها الفريقان دون ترجيح (١).

* * *

المطلب الثالث المفسَّر

أما المفسَّر: فهو (اللفظ الذي يدل على الحكم دلالة واضحة، لا يبقى معها احتمال للتأويل، أو التخصيص، ولكنه مما يقبل النسخ في عهد الرسالة).

وقد عبّر عنه السرخسي بأنه (اسم للمكشوف الذي يعرف المراد به مكشوفًا على وجه لا يبقى معه احتمال التأويل) (٢).

وبهذا كان المفسَّر فوق الظاهر والنص وضوحًا؛ لأن احتمال التأويل والتخصيص قائم فيهما. أما المفسَّر فلا يحتمل شيئًا من ذلك، ويتبدى هذا في كثير من نصوص الأحكام.

مثال ذلك قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: ٣٦].

فلفظ ﴿الْمُشْرِكِينَ﴾ وإن كان يحتمل التخصيص، بأن يراد فئة منهم مثلًا دون أخرى، إلا أن كلمة ﴿كَافَّةً﴾ تنفي أي احتمال للتخصيص بفرد أو فئة


(١) انظر ما سبق (ص ١٣٦ - ١٣٧) فما بعد.
(٢) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>