[المبحث الرابع طريق الجادة في التأويل وموقف الظاهرية]
[المطلب الأول طريق الجادة في التأويل]
أما بعد: فإن التأويل باب من أبواب الاستنباط العقلي القويم، وطريق من طرق الاجتهاد في بيان النصوص.
وهو في حدود الشروط التي حددها علماؤنا: مقبول ومرضي؛ ذلك أن هذه الشروط قد استوحيت من روح هذه الشريعة ولغتها، وعرفها في ظل هدي الكتاب والسنّة.
والطريق التي رسمها الأئمة هي طريق الجادة. فإذا حاد عنها المتأول، فقد سلك بنفسه سبيل الانحراف، وحاد إلى حيث لا تؤمن العاقبة، ولا يُضمن المصير.
وفي الأمثلة التي مررنا بها قريبًا، كشفٌ لبعض الملامح عن صورة كريمة للجادة الوسطى التي سلكها رواد الفقه الأمناء على هذه الشريعة. فقد يكون التأويل قريبًا في نظر فريق، وبعيدًا في نظر فريق آخر. ولكن المحور لا يخرج عن دائرة اللغة ولو باحتمال. كما لا يبتعد عن حدود الشريعة في مبادئها ومقاصدها، ولو كان في ذلك الكلفة في بعض الأحيان، وللذوق الفقهي وملكة الاستنباط - كما أشرت غير مرة -: الأثر الواضح فيما كان أولئك الأئمة يسلكون.