للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسلك القائلين بمطلق الطلب]

أما القائلون بأن الأمر لمطلق الطلب: فقد احتجوا بأنه ثبت رجحان الطلب، الذي هو المعنى المشترك، بين الوجوب والندب بالضرورة من اللغة، ولم يقم ما يدل على تخصيصه بواحد منهما، وهو الوجوب.

ومعنى ذلك أن الرجحان قد ثبت لغة في الواجب، كما ثبت في المندوب، وجعلُ هذا الرجحان لواحد منهما - وهو الواجب - تقييد بلا دليل، فيكون القول به عاريًا عن السند. وإذن فلا بد من القول بأن الأمر للقدر المشترك بين الوجوب والندب، وهو مطلق الطلب، وقالوا هذا دفعًا للاشتراك والمجاز (١).

ولكن الذي قاله هؤلاء مدفوع بما يلي:

أ - في أدلة الوجوب التي ساقها الجمهور: ما يدل على أن تقييد الأمر بالوجوب حقيقة قائم على الدليل، وليس تخصيصًا بدون دليل.

ب - ثم إن جعل الأمر لمطلق الطلب: إثبات للغة بلوازم الماهيات، وذلك - كما يرى ابن الحاجب وشارحه العضد - أن القائلين بهذا القول، جعلوا الرجحان لازمًا للوجوب والندب، فجعلوا باعتباره صيغة الأمر لهما، مع احتمال أن تكون للمقيد بأحدهما وللمشترك بينهما، وذلك باطل (٢).

وهكذا، يبدو اتجاه القائلين بأن الأمر لمطلق الطلب في نظرنا: غير سليم.

فالدليل قائم على تقييد الأمر بأنه حقيقة في الوجوب، وادعاؤهم: إثبات للُّغة بلوازم الماهيات.

وما قيل هنا، يقال لمن جنحوا إلى أن الأمر يفيد الإذن؛ لأنه موضوع


(١) راجع: "مختصر المنتهى" و "شرحه للعضد" مع "حاشية السعد" (٢/ ٨١).
(٢) راجع: "مختصر المنتهى" السابق (٢/ ٨١) "جمع الجوامع" لابن السبكي "بحاشية البناني" (١/ ٣٧٥ - ٣٧٧)، "منهاج البيضاوي" مع "نهاية السول" للإسنوي (١/ ١٦٥) بهامش "التقرير والتحبير".

<<  <  ج: ص:  >  >>