للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أسباب الإجمال ما رأينا مثله في بعض ما ذكر الشيرازي والآمدي وغيرهما (١).

أما عن المتشابه: فقد جعله المشترك بين المؤول والمجمَل، وفسّر هذا الاشتراك بعدم الرجحان (٢)، كصنيع القاضي البيضاوي، فيما رأينا من مسلكه الذي خالف فيه ما عليه الأكثرون.

وعلى كلٍّ: فالخطب سهل، ما دام لم يترتب على الاختلاف في هذه الاصطلاحات عند المتكلمين: كبير اختلاف في الفروع والأحكام.

موقف الزيدية (٣):

وأما الزيدية - وهم من المتكلمين أيضًا - فلم يخرجوا عن المسلك العام، حيث عرَّفوا المجمَل بما كانت دلالته غير واضحة (٤). وإن كان


(١) فالإجمال عنده يكون في اللفظ: إما حال استعماله في موضوعه كالمشترك المحتمل لمعانيه، والمتواطئ المحتمل لكل فرد من جزئياته عند الأمر بأحدها مثل: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١]. أو حال استعماله في بعض موضوعه: كالعام المخصص بالمجمل مثل ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] حيث قيد الإحصان بالمجهول. ومثل ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ [المائدة: ١] أو حال كونه مستعملًا لا في موضوعه ولا في بعضه كالأسماء الشرعية والمجازية. وقد يكون الإجمال في الفعل … إلخ. راجع: "تهذيب الوصول إلى علم الأصول" للحلي، وشرحه "منيّة اللبيب" للحسني (ص ٤٨ - ٤٩).
(٢) وذلك قوله: والمشترك بينه - يعني المؤول - وبين المجمل - وهو نفي الرجحان - المتشابه. انظر: المرجع السابق (ص ٨)، و"نهاية الوصول إلى علم الأصول" للحلي (لوحة ١٢٤) مخطوطة دار الكتب المصرية.
(٣) الزيدية: فريق من الشيعة ينتسبون إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي المتوفى سنة ١٢٢ هـ. ويعتبر مذهبهم أعدل مذاهب الشيعة وأقربها إلى أهل السنَّة، من أول مصادر فقههم كتاب "المجموع" في الفقه للإمام زيد الذي وقف عليه المجمع العلمي في ميلانو، ومن أهم شروحه: "الروض النضير" شرح المجموع الفقهي الكبير لشرف الدين الحسين بن أحمد المتوفى سنة ٢٢١ هـ. وقد كتب علماؤهم في أصول الفقه على طريقة المتكلمين.
انظر: "الملل والنحل" للشهرستاني (١/ ٢٠٧)، "الأعلام" للزركلي (٣/ ٩٩).
(٤) راجع: "غاية السول" في أصول الزيدية (١٥٤ - ١٥٦) مخطوطة دار الكتب المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>