للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك جلد الزاني وإيجاب القصاص على قاتل العمد.

وكلٌّ إنما نُصّ على حكمه بعموم لفظ ينتظم ما شمله الإثم، من غير إشارة إلى عين منصوصة) (١).

[موقف الدبوسي والسرخسي]

وقد كشف الدبوسي في "التقويم"، وتابعه السرخسي في "الأصول"، عن زعم بعض الفقهاء: أن النص لا يتناول إلا الخاص، وردَّ عليهم مبينًا أن الأمر ليس كذلك. وكان الرد مبنيًا على نقطتين:

الأولى: أن أصل اشتقاق الكلمة جاء من النص وهو زيادة الظهور، وقد عرفنا أن النص ما يزداد وضوحًا لمعنًى من المتكلم، يظهر ذلك عند المقابلة بالظاهر: عامًا كان أو خاصًّا.

الثانية: أن الالتباس الذي وقع به هؤلاء الزاعمون، إنما جاء من أن تلك القرينة التي دلت على زيادة الوضوح بمعنًى من المتكلم، إنما اختصت بالنص دون الظاهر؛ فجعل بعضهم الاسمَ للخاص فقط.

وفي هذا المجال، يقول بعض هؤلاء الزاعمين: إن النص يكون مختصًا بالسبب الذي كان السياق له، فلا يثبت له موجب الظاهر.

وردّ عليهم السرخسي بأن العبرة لعموم الخطاب، لا لخصوص السبب عندنا، فيكون النص (ظاهرًا) باعتبار صيغة الخطاب، (نصًا) باعتبار القرينة التي كان السباق لأجلها (٢). وذلك بيِّنٌ فيما مرّ بنا من أمثلة، كانت ظاهرًا باعتبار صيغة الخطاب، نصًا باعتبار القرينة التي كان لأجلها السياق.

[حكم النص]

وحكم النص - كحكم الظاهر - وجوب العمل بما دلّ عليه، حتى يقوم دليل التأويل أو التخصيص، أو النسخ، علمًا بأن الاحتمال في النص أبعد


(١) "أصول الخصاص" مخطوطة دار الكتب المصرية ٤/ أ وقد طبع محققًا فيما بعد.
(٢) "أصول السرخسي" (١/ ١٦٥ - ١٦٦)؛ وراجع: "تقويم الأدلة" للدبوسي مخطوطة دار الكتب المصرية (ص ٢٠٧) وقد طبع فيما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>