للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبهم عند ابن حزم]

هذا: وأما الإمام أبو محمد ابن حزم: فليس عنده في خفي الدلالة من الألفاظ إلا المجمَل. أما المتشابه: فلا وجود له البتة في شيء من نصوص الأحكام التكليفية، ومَن ادعى ذلك فهو - في نظره - جاهل لا علم له.

أ - وقد عرّف المجمَل بأنه (لفظ يقتضي تفسيرًا يؤخذ من لفظ آخر) وأوضح ما أراد عندما عرّف المفسّر بأنه (لفظ يفهم منه معنى المجمَل المذكور) (١).

والحاجة إلى التفسير التي يعنيها ابن حزم: هي الحاجة إلى الخروج من الاحتمال، التي يقتضيها غير متضح الدلالة، فالمؤدى واحد فيما بعد.

ب - وعندما جاء ابن حزم إلى المتشابه، حصره بأفراده في القرآن دون أن يعطيه أي تعريف يُشعر بتطابقه مع المجمَل، أو صلته به؛ فقرّر أن المتشابه لا يوجد في شيء من الشرائع، إلا بالإضافة إلى من جهل دون من علم، وهو في القرآن، وهو الذي نهينا عن اتباع تأويله، وعن طلبه، وأمرنا بالإيمان به جملة.

والمتشابه عند ابن حزم ينحصر في الأقسام التي في السور حيث أقسم الله ببعض مخلوقاته، والحروف المقطّعة التي في أوائل السور.

قال : (وليس هو في القرآن إلا الأقسام التي في السور كقوله تعالى: ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢)[الضحى: ١، ٢] ﴿وَالْفَجْرِ (١) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (٢)[الفجر: ١، ٢] والحروف المقطعة التي في أوائل السور، وكل ما عدا هذا من القرآن فهو محكم) (٢).

[بين ابن حزم والأصوليين]

وهكذا يفترق ابن حزم عن الحنفية فيما اصطلحوا عليه في المبهم من الألفاظ.


(١) راجع: "الإحكام في أصول الأحكام" لابن حزم (١/ ٤٢).
(٢) راجع: "الإحكام في أصول الأحكام" (١/ ٤٨، ٤/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>