للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موقف الشاطبي]

مر بنا أن الشاطبي من القائلين بقطعية دلالة العام، ولقد أبدى تخوفًا شديدًا من القول بالظنية، واعتبر أن في ذلك ما يقتضي إبطال الكليات القرآنية، وإسقاط الاستدلال بالقرآن جملة، إلا لجهة من التساهل وتحسين الظن، لا على تحقيق النظر والقطع بالحكم.

ويرى الشاطبي أن القول بالظنية: يتنافى مع ما هو معلوم من أن النبي بعث بجوامع الكلم واختصر له الكلام اختصارًا على وجه هو أبلغ ما يكون، وأقرب ما يمكن التحصيل (١).

[رأينا في دلالة العام]

والذي نميل إليه في دلالة العام: هو ما ذهب إليه الجمهور، لأن احتمال صرفِ العام عن عصومه وقصرِه على بعض أفراده قائم، يلاحظ ذلك


(١) جاء في "الموافقات" بعد الحديث عن شناعة الاختلاف في حجية العام بعد التخصيص أو عدم حجيته: (ولقد أدى إشكال هذا الموضع إلى شناعة أخرى وهي أن عمومات القرآن ليس فيها ما هو معتد به في حقيقة من العموم وإن قيل بأنه حجة بعد التخصيص. وفيه ما يقتضي إيطال الكليات القرآنية، وإسقاط الاستدلاله بها جملة إلا بجهة من التساهل وتحسين الظن، لا على تحقيق النظر والمقطع بالحكم. وفي هذا - إذا تؤمل - توهين الأدلة الشرعية وتضعيف الاستناد إليها) وبعد أن عرض تذكر ما يروى عن ابن عباس أنه ما من عام إلا مخصَّص.
قال: (وجميع ذلك مخالف لكلام العرب، ومخالف لما كان عليه السلف الصالح من القطع بمعلوماته التي فهموها تحقيقًا بحسب قصد العرب في اللسان، وبحسب قصد الشارع في موارد الأحكام). ثم عرض الابتعاث النبي بجوامع الكلم، وقرر أن رأس هذه الجوامع في التعبير: العمومات (فإذا فرض أنها ليست بموجودة في القرآن جوامع، بل على وجه تفتقر فيه إلى مخصَّصات ومقيدات وأمور أخر، فقد خرجت تلك العمومات عن أن تكون جوامع مختصرة).
ثم قال: (وما نقل عن ابن عباس - إن ثبتت عن طريق صحيح - فيحتمل التأويل. فالحق في صيغ العموم - إذا وردت - أنها على عمومها في الأصل الاستعمالي) "الموافقات" بتعليق الخضر حسين (٣/ ١٦٤ - ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>