وفيما يلي تفصيل لكل من هاتين المرحلتين التي مرّ فيهما المتشابه.
أولًا: لقد كان تعريف المتشابه في المرحلة الأولى - كما سلف - قائمًا على المفهوم اللغوي وهو:"الاحتمال وتردد اللفظ بين معنيين أو أكثر"، وكان لذلك أثره في ساحة التكليف عند أخذ تلك الأحكام من النصوص، وقد نقل هذا الاتجاه عن عدد من العلماء كان في مقدمتهم الكرخي وأبو بكر الجصاص - رحمهما الله -.
جاء في "أحكام القرآن" للجصاص قوله: (كان أبو الحسن ﵀ يقول: (المحكم ما لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا، والمتشابه ما يحتمل وجهين أو أكثر)(١).
[طريق إزالة الإبهام في هذا المتشابه]
وإذا كان المتشابه - على هذا التعريف - ما يحتمل أكثر من وجه: فطريق إزالة غموضه وخفائه - كما يرى الكرخي - حمله على المحكم الذي لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا وردّه إليه.
ولقد كان طبيعيًا - والأمر على ما ذكرناه في التعريف - أن تكون دائرة وجود هذا النوع من المتشابه: نصوص الأحكام التكليفية؛ فهذا أبو الحسن - بعد أن يذكر سبيل المتشابه وأنها رده إلى المحكم - يقرر بوضوح أن ذلك في الفقه كثير، ويجيء بأمثلة متعددة - فيما نقل عنه الجصاص - يرى فيها أن تحديد المعنى بين المحتملات: كان عن طريق ذلك الحمل.