للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج - أما أرباب الوقف: فعندهم جديد، سنراه في عرضنا لرأي كل من إمام الحرمين والغزالي والآمدي.

[القول بالإباحة]

أما القول بالإباحة: فهو المروي عن الشافعي وعدد من أصحابه وقد نقله عن الشافعي - كما ذكر الإسنوي - القيرواني في كتاب "المستوعب" - وابن التلمساني في "شرح المعالم"، والأصفهاني في "شرح المحصول" (١).

كما نقله ابن برهان والآمدي أيضًا عن أكثر الفقهاء (٢)، ورجحه ابن الحاجب في "مختصر المنتهي" (٣)، والتلمساني في "مفتاح الوصول" (٤)، ونسبه السالمي إلى الإباضية (٥).

وقد احتج العلماء لهذا القول، بأن الغالب في عرف الشارع استعمال الأمر بعد الحظر للإباحة كقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ١٠] بعد قوله سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: ٩] فالأمر بالانتشار في الأرض بعد الصلاة طلبًا للرزق من طريق البيع وغيره: إنما كان للإباحة عند الجمهور، وقد جاء بعد المنع في قوله: ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ (٦).

وكقوله جلَّ ثناؤه: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة: ٢] بعد المنع من الاصطياد في قوله: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: ١] وقد أشرنا إلى ذلك آنفًا.

وكقوله سبحانه: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾ بعد قوله: ﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] فالأمر بالإتيان بعد تطهر الزوجة للإباحة وقد جاء بعد المنع من القربان في قوله: ﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٢].


(١) راجع: "نهاية السول للإسنوي شرح منهاج البيضاوي" (١/ ٢٦٨ - ٢٦٩).
(٢) انظر: "الإحكام" الآمدي (٢/ ٢٦).
(٣) راجع: "مختصر المنتهى" مع "العضد" و "السعد" (٢/ ٩١).
(٤) انظر: (ص ١٦).
(٥) راجع: "طلعة الشمس" (١/ ٤٦).
(٦) انظر ما سلف (٢/ ١٩٧)، "فتح الباري" لابن حجر العسقلاني (٢/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>