للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الأوامر ليست كلها كذلك. فكثيرًا ما تُطالع الباحث في دلالات الألفاظ على الأحكام من نصوص الكتاب والسنة، نصوص يرد الأمر فيها مسبوقًا بمنع المأمور به وتحريمه، كما في أمر المتحللين من الإحرام بالاصطياد في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة: ٢] (١) فإنه وارد بعد المنع منه في قوله تعالى: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: ١].

وكما في الأمر بأدخار لحوم الأضاحي بعد النهي عنه في قول الرسول : "إنما نهيتكم من أجل الدافّة، فكلوا وادخروا وتصدقوا) (٢) وذلك بعد نهيت: "نهيت أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث".

فالأمر بالادخار سبقه النهي عنه - كما هي نص الحديث -.

ولقد كانت للعلماء مذاهب في دلالة الأمر بعد أن يسبقه التحريم، نعرض لأهمها فيما يلي:

أ - فالقائلون بأن موجَب الأمر قبل التحريم: هو الندب، أو الإباحة، فهو عندهم بعد التحريم كذلك، ولا حاجة إلى تجديد البحث في هذا المسلك.

ب - أما القائلون بأن موجب الأمر قبل الحظر: هو الوجوب، فقد اختلفوا على ثلاثة مذاهب:

الأول: القول بأن الأمر الوارد على هذه الشاكلة: يدل على الإباحة.

الثاني: القول بأن الأمر الوارد بعد الحظر والتحريم: يدل على الوجوب.

الثالث: القول بأن الأمر الوارد بعد الحظر والتحريم: يدل على ما كان عليه من قبل ورود المنع.


(١) قال الزمخشري: "فاصطادرا" إباحة للاصطياد بعد حظره عليهم كأنه قيل: وإذا حللتم فلا جناح عليكم أن تصطادرا: "الكشاف": (١/ ٤٦٨).
(٢) أخرجه أحمد (٢٤٧٥٣) والشيخان وأبو داود والترمذي وغيرهم. من حديث برواية عائشة ، البخاري (٥٥٧١)، مسلم (١٩٧٧)، أبو داود (٣٨١٢)، الترمذي (١٥١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>