فيها، إذ بتقدير صحة الإجماع على أن النهي بعد الوجوب ليس للإباحة، يلزم استقراء العلماء أن تقدم الرجوب على النهي، ليس قرينة تصرف التحريم إلى الإباحة.
غير أن ابن أمير الحاج في شرحه لكلام ابن الهمام، رأى أن ظاهر كلام إمام المحرمين، يدل على أنه لم يقله إلا تخمينًا، فلا يقدح فيما نقله الأستاذ أبو إسحاق (١).
* * *
[المطلب الثاني أثر النهي في المنهي عنه]
في أثر النهي في المنهي عنه نتناول أثر النهي في التصرفات الحسِّية، وأثر النهي في التصرفات الشرعية بوجه عام، ثم أثر النهي في العبادات والمعاملات.
[النهي عن التصرفات الحسية والنهي عن التصرفات الشرعية]
يرد النهي المطلق على نوعين:
الأول: نهي عن التصرفات الحسية: وهي التي تعرف حسًّا، ولا يتوقف حصولها وتحققها على الشرع؛ كالزنى، والقتل، وشرب الخمر وأمثالها، فإن تحققها لا يتوقف - كما قال العلماء - على الشرع لأنها كانت معلومة قبل الإسلام لأهل الملل جميعًا.
الثاني: النهي عن التصرفات الشرعية: وهي التي لا تعرف إلا من طريق الشرع؛ فهي أمور وضعها الشارع لتترتب عليها آثار دنيوية وأخروية، في مصلحة الفرد والجماعة، وحدد لها أركانًا وشروطًا لا يعتبر - إلا بها - أثر النهي في العبادات والمعاملات؛ وذلك كالصلاة، والصوم، والبيع وما إلى ذلك.
(١) انظر: "التقرير والتحبير شرح التحرير" (١/ ٣٢٩).