الحيضة؛ فإذا طلقها الرجل في طهر لم يطأها فيه اعتدَّت بما بقي منه، ولو كان هذا الباقي لحظة، ثم استقبلت طهرًا ثانيًا بعد حيض، ثم ثالثًا بعد حيضة ثالثة، فإذا رأت الدم من الحيضة الثالثة حلت للزواج وخرجت من العدة (١).
[ما استدل به القائلون بأن القرء هو الحيضة]
واستدل القائلون بأن القروء في الآية مراد بها الحَيض بأدلة أهمها ما يلي:
١ - إن قول الرسول ﷺ بشأن المستحاضة:"تدع الصلاة أيام أقرائها" واستعماله للقرء في الحيض مما يدل على أن عرف الشريعة قائم على تخصيص القرء بالحيض دون الطهر.
ومما يؤيد ذلك في نظرهم قول الله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ﴾ [الطلاق: ٤]. حيث جعل الاعتداد بالأشهر مكان الاعتداد بالحيض الميؤوس منه، وفي ذلك دلالة على أن الحيض هو المعتبر في العدة لا الطهر.
٢ - إن العدة إنما شرعت للمرأة بعد حصول الفرقة بينها وبين زوجها، لتعرف براءة الرحم من الحمل، كيلا تختلط الأنساب، وإنما يكون ذلك بالحيض لا بالطهر.
٣ - ومما استدلوا به أن لفظ ﴿ثَلَاثَة﴾ الوارد في الآية خاص، ودلالة الخاص على معناه دلالة قطعية، ولا يتحقق مدلول الثلاثة التي هي الخاص هنا، إلا بأن تعتد المطلقة ثلاثة قروء كاملة من غير زيادة ولا نقصان، وذلك لا يحصل إلا إذا اعتبر المراد من القرء الحيض لا الطهر، لأن من المتفق عليه أن الطلاق المشروع - كما من قريبًا - هو ما يكون والمرأة في حال طهرها.
فإذا حصل الطلاق في الطهر واحتسب من العدة، كانت العدة طهرين
(١) راجع: "فرق الزواج" لأستاذنا علي الخفيف (ص ٣٤٠).