للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حزم في شأن القرآن: (ولما تبين بالبراهين والمعجزات أن القرآن هو عهدُ الله إلينا والذي ألزمَنا الإقرار به، والعمل بما فيه، وصحّ ينقل الكافة الذي لا مجال للشك فيه: أن هذا القرآن هو المكتوب في المصاحف، المشهور في الآفاق كلها: وجب الانقياد لما فيه، فكان هو الأصلَ المرجوع إليه، لأننا وجدنا فيه: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٣٨] فما في القرآن من أمر ونهي: فواجبٌ الوقوف عنده) (١).

وقال في شأن السنّة: (لما بيّنّا أن القرآن هو الأصل المرجوع إليه في الشرائع: نظرنا فيه فوجدنا فيه إيجاب طاعة ما أمرنا به رسول الله ووجدناه ﷿ يقول فيه واصفًا لرسوله : ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣)[النجم: ٣] (٢). فصحّ لنا بذلك أن الوحي من الله ﷿ إلى رسوله على قسمين:

أحدهما: وحي متلو مؤلف تأليفًا معجز النظم - وهو القرآن -.

والثاني: وحي مروي منقول غير مؤلف ولا معجز النظم ولا متلو، لكنه مقروء، وهو الخبر الوارد عن رسول الله ، وهو المبين عن الله ﷿ مراده منا، قال الله تعالى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤].

ثم قال أبو محمد: (ووجدناه تعالى قد أوجب طاعة هذا القسم الثاني كما أوجب طاعة القسم الأول - الذي هو القرآن - ولا فرق (٣)، فقال تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [النساء: ٥٩].

[مظان البحث في نصوص الأحكام]

هذا: ويرى المتتبع لنصوص الكتاب والسنّة، التي هي آيات الأحكام وأحاديث الأحكام فيما نحن بصدده من البحث، أن مظان النصوص في


(١) راجع: "الإحكام في أصول الأحكام" (١/ ٩٥).
(٢) "الإحكام في أصول الأحكام" (١/ ٩٥ - ٩٦).
(٣) "الإحكام في أصول الأحكام" (١/ ٩٦ - ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>