للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنه ليس لأحد منهم أن يرغب بنفسه عن نفس النبي ، أطاق الجهاد، أو لم يطقه (١).

ومثله أيضًا قوله سبحانه: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (٧٥)[النساء] (٢).

ففي قوله: ﴿الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾ عموم أريد به الخصوص، لأن كل القرية - كما يقول الشافعي - لم يكن ظالمًا، فقد كان فيهم المسلم، ولكنهم كانوا مكثورين، وكانوا فيها أقل (٣).

الثالث: العام المطلق: وهو الذي لم تصحبه قرينة تنفي احتمال تخصيصه، ولا قرينة تنفي دلالته. نجد ذلك في أكثر النصوص التي وردت فيها صيغ العموم مطلقة عن القرائن اللفظية، أو العقلية، أو العرفية.

وهذا النوع من أنواع العام: ظاهر في العموم، حتى يقوم الدليل على تخصيصه (٤) مثل قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨].

[الفرق بين العام الذي أريد به الخصوص والعام المطلق]

ومما سبق يتبين الفرق بين العام الذي أريد به الخصوص، والعام المطلق.

فالأول: هو العام الذي يرد - حين يرد - وقد صاحبته قرينة تدل على أن


(١) راجع: "الرسالة" للإمام الشافعي (ص ٥٤).
(٢) هذا: والمراد بالقرية هنا "مكة" قال أبو جعفر الطبري: (والعرب تسمي كل مدينة "قرية" - يعني: التي قد ظلمنا أهلها - وهي في هذا الموضع، فيما فسر أهل التأويل "مكة") "تفسير الطبري" (٨/ ٥٤٣).
(٣) انظر: "رسالة الشافعي" (ص ٥٥).
(٤) راجع: "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص ١٤٠ - ١٤١)، "أصول الفقه" للشيخ عبد الوهاب خلاف (ص ١١٩ - ١٢٠)، "أصول الفقه" لأستاذنا البرديسي (ص ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>