للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المراد به الخصوص لا العموم، وذلك كما في خطابات التكليف العامة، وقد رأينا منها آنفًا قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧] حيث تدل القرينة على أن المراد به بعض الأفراد التي يشملها، وهذا - كما أسلفنا - ظاهر في دلالته على العموم، حتى يقوم دليل على التخصيص، بحيث يراد بعض أفراده دون بعض (١).

أما الثاني: فهو مطلق عما ينفي احتمال تخصيصه، وهما ينفي دلالته على العموم.

* * *


(١) هذا وقد جاءت الفروق التي ذكرناها على لسان العلماء: تفريقًا بين العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص، وقد جاء الشوكاني في "إرشاد الفحول" بعدد من المذاهب في ذلك: منها ما ذكره عن ابن دقيق العيد: أن العام المخصوص أعم من الأول، وقد أوضح ذلك بقوله: (ألا ترى أن المتكلم إذا أراد باللفظ أولًا ما دل عليه ظاهر العموم ثم أخرج بعد ذلك ما دل عليه اللفظ، كان عامًا مخصوصًا ولم يكن عامًا أريد به الخصوص، ويقال: إنه منسوخ بالنسبة إلى البعض الذي أخرج، وهذا متوجه إلى قصد العموم، بخلاف ما إذا نطق بالعام مريدًا بعض ما يتناوله).
وبعد عرض المذاهب في التفريق: قرر الشوكاني: أن العام الذي أريد به الخصوص مجاز على كل تقدير، وأما العام للمخصوص، فهو الذي لا تقوم قرينة عند تكلم المتكلم به على أنه أراد به بعض أفراده، فيبقى متناولًا لأفراده على العموم، وهي عند هذا التناول حقيقة. فإذا جاء المتكلم بما يدل على إخراج البعض منه، كان على الخلاف المتقدم - يعني خلاف العلماء حول العام بعد تخصيصه - هل هو حقيقة في الباقي أم مجاز) "إرشاد الفحول" (ص ١٤٠ - ١٤١). وانظر ما ذهب إليه صاحب المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل في "المدخل" (ص ١١٢ - ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>