للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نستطيعه، أما المندوب: فلا حرج في تركه مع الاستطاعة، وهو مرتبط بمشيئتنا أيضًا.

ولقد اعتبر صاحب "التقرير والتحبير" ذهولًا عظيمًا، القول بأن الحديث رد الأمر إلى مشيئة المأمورين، فقال عند الرد على أصحاب هذا المذهب: (ثم لا خفاء في أن قولهم: رده إلى مشيئتنا مع روايتهم الحديث بلفظ: "ما استطعتم" ذهول عظيم) (١).

[مسلك القائلين بالاشتراك]

والقائلون بالاشتراك اللفظي؛ سواء بين الوجوب والندب، أو بين الوجوب والندب والإباحة، أو بين هذه الثلاثة ومعها التهديد: استدلوا بثبوت إطلاق الأمر حقيقة على أكثر من الوجوب.

فالقائلون بالاشتراك بين الوجوب والندب: يدعون ثبوت إطلاق الأمر حقيقة عليهما.

والقائلون بالاشتراك بين الوجوب والندب والإباحة: يدعون ثبوت إطلاق الأمر حقيقة على هذه المعاني الثلاثة.

والقائلون بالاشتراك بين الوجوب والندب والإباحة والتهديد: يدعون ثبوت إطلاق الأمر حقيقة عليها جميعًا.

ووجه ثبوت إطلاق الأمر حقيقة على أكثر من الوجوب عندهم: أنه قد ثبت الإطلاق، والأصل فيه الحقيقة.

والرد الطبيعي على هذا الادعاء: أن المجاز أولى من الاشتراك؛ وذلك من أبسط القواعد في خطابات العربية التي هي لغة الكتاب والسنة.

ولقد تبين من أدلة الجمهور: أن الوجوب متعين للحقيقة عند الإطلاق، فتكون دلالة الأمر على المعاني الباقية من قبيل المجاز (٢).


(١) راجع: "مختصر المنتهى" مع "شرحه للعضد" و "حاشية السعد" (٢/ ٨١).
(٢) انظر: "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٨٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>