للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول في شأن البحر حين سئل عن حل الوضوء بمائه "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" (١).

فلفظ ﴿الْمَيْتَةُ﴾ في الآية الكريمة: عام يشمل كل ميتة سواء أكانت ميتة من حيوان البحر، أو البر. ولكن الحديث صَرف هذا العام عن عمومه، فخصص الميتة بغير البحر، فأصبحت الميتة المحرم أكلها لا تشمل هذه الميتة؛ فحيوان البحر حلال لا تلزم فيه الذكاة الشرعية التي تلزم في غيره من أجل المحل.

[المخصص غير المستقل]

إذا كان المخصص المستقل: هو ما لا يكون جزءًا من النص المشتمل من العام: فإن المخصص غير المستقل: هو ما يكون جزءًا من هذا النص المشتمل عليه، فهو غير تام بنفسه. وله عدة أنواع أهمها ما يلي:

١ - الاستثناء المتصل كقوله تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ [النحل: ١٠٦].

فإن قوله: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ﴾ عام يشمل كل كافر، ولكن الاستثناء في قوله: ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ صرف هذا العام عن عمومه، وجعله قاصرًا على من كفر راضيًا مختارًا (٢).


(١) روى أحمد (٨٧٢٠) و (٩٠٨٨) وأبو داود (٨٣) والترمذي (٦٩) والنسائي (٣٣٢) وابن ماجه (٣٨٦) عن أبي هريرة قال: (سأل رجل رسول الله فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله : "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته") "منتقى الأخبار" مع "نيل الأوطار" (١/ ٢٤). وانظر: "الهداية" مع "فتح القدير" "والعناية" (١/ ٤٧ - ٤٨).
(٢) هذا: وقد ذكر العلماء للاستثناء أحكامًا كثيرة كان منها: حكم الجمل المتعاقبة بالواو ونحوها إذا دخلها الاستثناء. فقد ذهب أصحاب الشافعي إلي أن الاستثناء يرجع إلى جميعها، وذهب أصحاب أبي حنيفة إلى أنه يرجع إلى الجملة الأخيرة: وقد انبنى على ذلك اختلاف في بعض الأحكام. ومن هذا القبيل قوله =

<<  <  ج: ص:  >  >>