للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القائل بالعموم. غير أن ذلك لا يجعلنا من القائلين بالوقف بعد أن أثبتنا رأينا في هذا المذهب من قبل، فنحن نوافق الغزالي بأن كلام أرباب الخصوص في هذه الحجة الثالثة يحمل الفساد والتناقض.

على أن النسبة بين أرباب الخصوص وأرباب الوقف معروفة؛ حتى عُدُّوا عند كثيرين - كما أسلفنا من قبل - فريقًا منهم (١).

أما صاحب "التلويح": فقد رد على هذا الاستدلال من قبل أرباب الخصوص بأمرين:

الأول: أن في حمل لفظ العموم على أقل الجمع، إثبات اللغة بالترجيح، وذلك لا يجوز؛ لأن اللغة لا تثبت إلا بالنقل كما هو معلوم، ونحن من وراء اللغة في أمثال هذه الأمور.

الثاني: لو سلم هذا: فإن حمل هذه الألفاظ على العموم، أحوط؛ لاحتمال أن يراد بها العموم، فلو حملناها على أقل الجمع: أضعنا غير هذا الجمع مما يدخل في العموم، وذلك يؤدي إلى مخالفة الأمر، وعدم الخروج من العهدة عند العمل؛ فالأخذ بالحيطة أولى حتى إذا قام دليل الخصوص جنحنا إليه (٢).

[الحجة الرابعة]

واستدل أرباب الخصوص بما اشتهر عند العلماء (٣) حتى صار مثلًا قولهم: (ما من عام إلا وقد خص منه) والظاهر أنه للأغلب حقيقة، وفي الأقل مجاز تقليلًا للمجاز.


(١) راجع: "المستصفى" (٢/ ٤٨). وانظر ما سلف (٢/ ٢٤) فما بعدها.
(٢) انظر: "التلويح" مع "التوضيح" (١/ ٣٩) ابن الحاجب "بشرح العضد" (١/ ٢١٨).
(٣) راجع: "حاشية المرآة" للإزميري (١/ ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>