للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يبطل؛ لأن النهي لا يختص بالعقد، فلم يمنع الصحة؛ كالصلاة في الأرض المغصوبة (١).

[موقف الحنابلة والظاهرية]

أما الحنابلة والظاهرية: فقد سوَّوا بين الأصل وغيره، من وصف، أو أمر خارج عنه في موارد النهي كلها؛ فلا فرق بين أن يكون النهي لذات المنهي عنه، أو لوصفه، أو لأمر خارج عنه. واستدلوا لذلك بأن النهي يعتمد المفاسد، فمتى ورد النهي: بطل التصرف، وأصبح معدومًا شرعًا والمعدوم شرعًا كالمعدوم حسًا؛ لأن العمل في هذه الحال يقع على خلاف ما يطلب الشارع (٢).

فالصلاة في ثوب مغصوب، أو في دار مغصوبة: هي معدومة شرعًا فإذا أتي بها المكلف وقعت باطلة، لأنها غير مشروعة، فلم يترتب عليها أثرها الشرعي.

قال ابن حزم في "الإحكام": (وكل أمر علق بوصف ما، لا يتم ذلك العمل المأمور به إلا بما علق به فلم يأت به المأمور كما أمر: فلم يفعل ما أمر به، فهو باق عليه وهو عاص بما فعل، والمعصية لا تنوب عن الطاعة ولا يشكل ذلك في عقل ذي عقل) (٣).

وقد أتى ابن حزم بعدد من المسائل ومنها الصلاة في ثوب مغصوب أو في دار مغصوبة وستأتي في آثار الاختلاف.

[رأينا في الموضوع]

والذي يظهر لنا أن الحنابلة والظاهرية لم يأتوا بما يقنع في دعواهم اقتضاءَ النهي يقتضي الفساد في المنهي عنه لأمر خارج.


(١) راجع: "المهذب" للشيرازي (١/ ١١٠)، وانظر: "أصول السرخسي" (١/ ٨١)، "قواعد الأحكام" للعز بن عبد السلام (٢/ ٢٢ - ٢٤).
(٢) راجع: "الإحكام" لابن حزم (٣/ ٥٩ - ٦١)، "الإحكام" للآمدي (٢/ ٢٧٦)، "الفروق" للقرافي (٢/ ٨٤).
(٣) راجع: "الإحكام" لابن حزم (٣/ ٥٩ - ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>