للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣] أنه نص في بيان العدد؛ لأنه سيق الكلام له.

وهذا يقتضي أن يكون عدم السَوْق شرطًا في الظاهر، وإلا لما صحّ تعليلهما - أي فخر الإسلام وصاحب "المنتخب" - به.

وقال ابن ملك: (وإنما لم يذكروا عدم السَوْق في الظاهر، اعتمادًا على كونه مفهومًا من تعريف النص) (١).

ج - أما سبيل الحياد بين الاتجاهين: فممن سلكه صاحب "التلويح" سعد الدين التفتازاني.

فقد جاء على كلام صدر الشريعة في الموضوع، واكتفى بالحكم عليه بأنه متفق مع ما عليه المتقدمون، ثم عرض لذكر ما عليه المتأخرون، مبيّنًا أن أقسام الواضح حسن اتجاه المتقدمين تكون متمايزة، وحسب اتجاه المتأخرين تكون متباينة (٢).

[موقفنا من المسألة]

وأُراني في ضوء ما سبق: أميلَ إلى تأييد البقاء على ما جرى عليه المتقدمون، في التفرقة بين الظاهر والنص، بازدياد الوضوح عن طريق قرينة لفظية تبرز معنًى عُرف من مراد المتكلم ....

١ - وإذا كانت اللغة العربية نبراسنا الأول في فهم نصوص الأحكام، فإن


(١) شرح "المنار" لابن ملك (١/ ٣٥٢).
(٢) قال السعد بعد أن ذكر كلام صدر الشريعة: (وهذا هو الموافق لكلام المتقدمين، وقد مثَّلوا للظاهر بنحو ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)﴾ الآية [النساء]، ونحو ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢)﴾ الآية [النور]، ونحو ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨)﴾ [المائدة: ٣٨]. فتكون الأربعة - يعني أقسام الواضح - أقسامًا متمايزة بحسب المفهوم واعتبار الحيثية، متداخلة بحسب الوجود، إلا أن المشهور بين المتأخرين أنها أقسام متباينة، وأنه يشترط في الظاهر كونه مسوقًا للمعنى الذي يجعل ظاهرًا فيه .... " انظر: "التلويح على التوضيح" (١/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>