للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ومنهم مَن سلك سبيل الحياد بين الاتجاهين، واكتفى بعرض ما عند الفريقين.

أ - فممّن تابع المتقدمين، وسلك نهجهم: صدر الشريعة عبيد الله بن مسعود؛ فقد جاء في كتابه "التوضيح" قوله: (اللفظ إذا ظهر منه المراد، يسمى ظاهرًا بالنسبة إليه، ثم إن زاد الوضوح بأن سيق الكلامُ له يسمى نصًا).

وهذا الكلام من صدر الشريعة، يدل بوضوح على التزام مذهب المتقدمين في هذه المسألة.

وقد فهم السعد التفتازاني ذلك من كلام صدر الشريعة، حين قرر أن ظاهر كلامه المذكور مشعر بأن المعتبر في الظاهر: ظهور المراد منه، سواء أكان مسوقًا له أم لا، وأن المعتبر في النص كونه مسوقًا للمراد (١)

ب - وممن سلك سبيل المتأخرين وحمل عبء الدفاع عن وجهة نظرهم فيما ذهبوا إليه، عبد اللطيف بن مَلك في شرحه لكتاب "المنار" للحافظ النسفي.

وقد ظهر ذلك في محاولته الردّ على كلام عبد العزيز البخاري في "كشف الأسرار" فيما فهمه من كلام البزدوي.

وبيان ذلك: أن ابن ملك يرى في قول البزدوي عن النص بأنه: (ما ازداد وضوحًا على الظاهر بمعنًى من المتكلم لا في نفس الصيغة … ) أن عبارة (بمعنًى من المتكلم) أعم من كونه قرينة نطقية، أو سَوْق كلام، أو غيره .... ولو كانت زيادة وضوحه، بانضمام قرينة نطقية تدل على أن قصد المتكلم ذلك المعنى: لم يبقَ محتملًا لتأويل، وهو في حيز المجاز، لتعين المراد حينئذ.

وأكثر من هذا: فابن ملك لا يسلم أن الكل من العلماء، غفلوا عن هذا التفريق، فإن فخر الإسلام وصاحب "المنتخب" قالا في قوله تعالى:


(١) راجع: "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>