كثيرًا ما يراد بها معناها الأعم، وهو عدم وجود احتمال ناشئ عن دليل، وأن العام إذا دخله الخصوص يصبح ظني الدلالة (١).
[التعارض بين العبارة والإشارة]
في حديثنا عن الحكم الثابت بالعبارة والحكم الثابت بالإشارة: رأينا الخلاف الواقع في القطعية والظنية، وأن الأكثر على أن العبارة والإشارة يفيدان القطعية، وأن الإشارة تفيد الظنية.
ونريد أن نبين هنا: أنه حتى في الحال التي يكون موجَبُ كل من العبارة والإشارة قطعيًا، فإن التفاوت بينهما حاصل عند المعارضة من ناحية القصد بالسياق أو عدمه.
فالحكم الثابت بالعبارة يكون هو المقصود أولًا وبالذات، والكلام قد سيق لأجله أصالة أو تبعًا، بينما لا نرى ذلك في الحكم الثابت بالإشارة؛ إذ إن الكلام لم يُسق من أجله لا أصالة ولا تبعًا. ولا شك في أن ما يكون مقصودًا من السياق، أقوى مما لا يكون مقصودًا منه.
ومن الطبيعي أن يظهر أثر ذلك عند التعارض - كما أشرنا من قبل - فيقدم الحكم الثابت بالعبارة، على الحكم الثابت بالإشارة، مع أن كلًا منهما يعتبر ثابتًا بالنص.
١ - ومن النصوص التي أوردوها لذلك قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى﴾ [البقرة: ١٧٨] مع قوله جلّ وعلا: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)﴾ [النساء: ٩٣].
فمدلول العبارة في النص الأول: ظاهر في وجوب القصاص من القاتل المعتدي، إذ معنى قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ﴾ فرض عليكم. قال أبو جعفر
(١) انظر: "التوضيح" مع "التنقيح" (١/ ٣٥، ١٢٩) وانظر: "مختصر المنار" لابن حبب الحلبي مع "شرحه" لقاسم بن قطلوبغا، مخطوطة دار الكتب المصرية.