للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغة الدعاء فسميت ببعض أجزائها) (١). وذلك ما ذكره الإمام النووي وغيره، فقد جاء في "تهذيب الأسماء واللغات": (وسميت الصلاة الشرعية صلاة لاشتمالها عليه - يعني الدعاء -) (٢).

بيان السنّة للإجمال في الصلاة:

وهكذا جاء الإجمال من إعطاء لفظ الصلاة معنى شرعيًا، جديدًا، خاصًّا - وهو تلك العبادة المعروفة - بينما رأينا أن أصل معناه في اللغة الدعاء.

غير أن القرآن الذي اهتمّ بهذه الفريضة اهتمامًا بالغًا، وأتى على ذكرها في كثير من المواطن: كقول الله : ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣] وقوله: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (١٠٣)


(١) النهاية في "غريب الحديث" (١/ ٢٧٣) ومما قاله ابن الأثير هناك: وقيل: إن أصلها في اللغة التعظيم، وسميت العبادة صلاة لما فيها من تعظيم الرب تعالى.
(٢) انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" للإمام النووي (١/ ١٧٩) هذا: ولقد كان طبيعيًا أن يبحث العلماء في اشتقاق الصلاة؛ فقال الزجاج: الأصل في الصلاة اللزوم، يقال: قد صلّى واصطلى إذا لزم، ومن ذلك: يصلى في النار أي يلزم النار، وقال أهل اللغة أيضًا: إنها من الصلوين وهما عرقان من جانبَيْ الذنب من الناقة وغيرها، وعظمان في الإنسان ينحنيان في الركوع والسجود، إذ إنهما أول موصل الفخذين، فكأنهما في الحقيقة مكتنفا العصعص.
وإلى القول الأول - وهو الاشتقاق من اللزوم - مال الإمام الأزهري فقال: والقول عندي هو الأول، إنما الصلاة لزوم ما فرض الله تعالى، والصلاة من أعظم الفرض الذي أمر بلزومه "اللسان".
أما الإمام النووي: فقد جنح إلى القول الثاني، واعتبره الأشهر والأظهر عند العلماء، وذلك قوله: (واختلف العلماء في اشتقاق الصلاة والأشهر الأظهر أنها في الصلوين … قالوا: ولهذا كتبت الصلاة في المصحف بالواو). انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" (١/ ١٧٩)، "شرح النووي" لمسلم (٤/ ٧٥) هذا: ومن الغريب ما ذكر بعضهم أن هذه الكلمة معربة عن صلوتا التي هي باللسان العبري موضع الصلاة، وأنها استعملت في القرآن بهذا المعنى في قوله تعالى من سورة الحج، الآية ٤٠: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا﴾ فيكون العرب أخذوا هذه الكلمة واستعملوها في معنى الدعاء والاستغفار على طريقة المجاز. انظر: "تاريخ التشريع" للخضري (ص ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>