للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحد الزمني للوقف]

هذا وفي خاتمة المطاف، كان لا بد من إيراد هذا السؤال الذي أحرج الواقفية؛ فقد تساءل ابن حزم عن الحد الزمني للوقف وإلى متى يكون؟ وقرر أنهم - يعني الواقفية - إن حدّوا حدًّا كانوا متحكمين بلا دليل، وإن قالوا: حتى ننظر في دلائل القرآن والسنة سألناهم: فقلنا لهم: فإن لم تجدوا دليلًا على عموم ولا خصوص، ولم تجدوا غير اللفظ الوارد ماذا تصنعون؟ فإن قالوا: تقف أبدًا أقروا بالعصيان ومخالفة الأوامر، وأدى قولهم إلى أن الله تعالى لم يبين مراده، وأن الرسول لم يبين ولا بلَّغ، وهذا كفر.

وإن قالوا: إن لم نجد دليلًا على الخصوص: صرنا إلى العموم، فقد رجعوا إلى ما أنكروا، وأقروا بأنهم إنما حملوا الكلام على العموم بصيغته ولفظه، وبعدم الدليل. وهذا هو نفس قولنا الذي أبوه (١).

وهكذا فقد قطع الإمام ابن حزم رحلة طويلة مع الواقفية، عرضنا على القارئ بعض معالم الطريق فيها، ولئن بدا أبو محمد قاسيًا في الحكم بعض الأحيان، فهي قسوة مطلوبة حين يكون هنالك تعطيل لنصوص الشريعة ومحاولة للإتيان على بنيانها من القواعد. نقول هذا اختلاف معه - كما سيأتي - في تطبيق المبدأ على كثير من المتهمين.

ولقد كان ابن حزم - على تشعب المسالك في معركته مع الواقفية - واضحًا في بيان ما أراد، وما اعتقد أنه حق؛ فالأخذ بالعموم هو الأصل، ولا يعدل عن هذا الأصل إلا بدليل (٢).


= عشرة لكنه تعالى ذكر "كاملة" كما شاء فلما صح كل ما ذكرنا وحسن الاستفهام عن اسم واحد وعن العدد وهو لا يحتمل صرفًا عن وجهة أصلًا: ولم يكن ذلك مجيزًا لوقوع الواحد على أكثر من واحد، وكذلك في العدد: لم يكن أيضًا وقوع الاستفهام في العموم مرحبًا لإسقاط حمله على العموم. "الإحكام" (٣/ ١٠٧ - ١٠٨).
(١) راجع: "الإحكام" (٣/ ١١٦ - ١١٧).
(٢) انظر إليه بصور المذهب جوابًا عن واحد من أسئلة الواقفية حين يقول: (وسألونا أيضًا فقالوا: كيف تعتقدون في الآية والحديث قبل تفهمكم؟ فالجواب: إننا نعتقد العموم، لا بد من ذلك. =

<<  <  ج: ص:  >  >>