ومما قرره صاحب "الفتح" هناك: أن من أمعن في البحث عن كتاب الله، محافظًا على ما جاء في تفسيره عن رسول الله وعن أصحابه الذين شاهدوا التنزيل. وحصّل من الأحكام ما يستفاد من منطوقه ومفهومه، وعن معاني السنة وما دلت عليه كذلك، مقتصرًا على ما يصلح للحجة منها: فإنه الذي يحمد وينتفع به، وعلى ذلك يحمل عمل فقهاء الأمصار من التابعين فمن بعدهم). "فتح الباري" (١٣/ ٢٠٦ - ٢٠٨) طبعة الخشاب. (١) والاستفهام عن الواحد قد يحسن في الشريعة أيضًا من طالب راحة أو تخفيف كما سأل ابن أم مكتوم إذا نزلت آية المجاهدين فطلب أن يخرج له عذر من عموم اللفظ الوارد. وقد كان له كفاية في غير هذه الآية في قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى﴾ [التوبة: ٩١]. وما أشبه ذلك. وكسؤال العباس في الإذخر: فاستثني من العموم في النهي على أن يختلي خلا الحرم بمكة "الإحكام" لابن حزم (٣/ ١٠٧). ويعني ابن حزم ما روى أحمد (٢٩٩٢) والبخاري (١١٢) ومسلم (١٣٥٥) من أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ لما فتح مكة قال: "لا يُخْتَلى شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد" فقال العباس: إلا الإذخر، فإنا نجعله لقبورنا وبيوتنا، فقال رسول الله ﷺ: "إلا الإذخر". وفي لفظ لهم: "لا يعضد شجرها" بدل "لا يُخْتَلى شوكها". وقد يحسن الاستفهام في العدد كقول القائل: أتاني عشرة من الناس في أمر كذا: فيقول له السامع: أعشرة؟ فيقول: نعم، وذلك نحو قول الله ﷿: ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦]. فقد كنا نعلم لو لم يذكر الله تعالى العشرة أن ثلاثاء وسبعة = عشرة. وقد كنا نعلم بقوله تعالى: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ﴾ أنها =