للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلق، فالأمر المطلق في هذا المجال هو المجرد عن قرينة التكرار أو المرة، سواء أكان معلقًا بشرط أو مؤقتًا بوقت أو مخصوصًا بوصف، أو مجردًا عن جميع ذلك. ويظهر هذا في ثنايا حديثنا عن مسالكهم فيما أسلفنا من القول (١).

[موقف بدران من ابن قدامة، ورأينا في ذلك]

لم يكن لابن قدامة مسلك جديد من النسبة القائمة بين الأمر المعلق إلى الأمر المطلق، وأن الأمر المعلَّق بشرط أو المقيد بوصف: ليس قسيمًا للأمر المطلق، وأن الأمر العريَّ عن القرائن ليس هو العريَّ من تعليق بشرط أو تقييد بصفة، وكان واضحًا من كلامه أن آراء العلماء من اقتضاء التكرار أو عدمه في الأمر، واقتضائه إن كان الأمر معلقًا بشرط .... كلها تَرِدُ على الأمر المطلق، أي العري عن قرينة المرة أو التكرار (٢).

غير أن الشارح لم يعجبه مسلك ابن قدامة، في جعله القول بالتكرار عند التعليق بالشرط ينسلك في ظل الأمر المطلق؛ فقد قرر أن (هذا القول ليس من الأقوال التي يصح دخولها تحت فرض المسألة لأن المسألة مفروضة في أن الأمر المطلق هل يقتضي التكرار أم لا؟ والمقترن بالشرط ليس مطلقًا فالتكرار فيه لقرينة الشرط لا لكونه أمرًا) (٣).

ولست مع الشيخ بدران في نقده لابن قدامة، لأن مسلك ابن قدامة هو المسلك السليم حين لم يجعل التعليق بالشرط مقيدًا للأمر، وكان


(١) انظر: "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ١٥٩)، "جمع الجوامع" مع "شرحه للمحلي" و "حاشية اللبناني" (١/ ٣٨٠).
(٢) راجع: "روضة الناظر" لابن قدامة مع شرحه "نزهة الخاطر العاطر" لعبد القادر بدران (٢/ ٧٨) فما بعدها.
(٣) انظر: "نزهة الخاطر العاطر" (٢/ ٧٩) وقد تحكم بكلام المصنف فعرَّف المطلق كما يريد هو لا كما أراد المصنف ففي (٢/ ٧٨) قال ابن قدامة: (الأمر المطلق لا يقتضي التكرار .... ) الخ فقال هو: - أعني الشارح - (الأمر المطلق أي غير المقيد بالمرة ولا بالتكرار ولا بصفة ولا بشرط).

<<  <  ج: ص:  >  >>