للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صنيعه في هذا صنيع كل من سلفه ممن كتبوا حول هذه القضية، واعتبروا المطلق هو المجرد من قرينة التكرار أو المرة، كما ذكرنا من قبل.

ولقد أوضح التفتازاني هذه النقطة، حين قرر أن المراد بالأمر المطلق هو المجرد عن قرينة التكرار أو المرة، سواء كان مؤقتًا بوقت، أو معلقًا بشرط، أو مخصوصًا بوصف، أو مجردًا من جميع ذلك (١).

وكان جواب التفتازاني : على إشكال قد يرد، كما أورده بعد أمد شارح "روضة الناظر" لابن قدامة.

والجلال المحلى في "شرحه على جمع الجوامع" لابن السبكي، قال في معرض الحديث عن الأمر المعلق بشرط أو صفة: (ويحمل المعلق المذكور على المرة بقرينة، كما في أمر الحج المعلق بالاستطاعة، فإن لم يعلق الأمر فللمرة، ويحمل على التكرار بقرينة) (٢). فالحج قد علق بالاستطاعة في قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧].

فعلى مذهب التكرار بالأمر المعلق بالشرط والصفة: يتكرر الحج بتكرر الاستطاعة، لأن الآية على تقدير: من استطاع فليحج. أو ليحج المستطيع. ولكن قول الرسول : "بل للأبد" جوابًا للأقرع بن حابس أو غيره حسب الروايات - كما مر - كان قرينة دالة على المرة (٣).

ذلك لأن المسائل قال: "ألعامنا هذا أم إلى الأبد؟ ".


(١) قال التفتازاني: (فإن قلت: الكلام في الأمر المطلق، والمعلق بشرط أو وصف مقيد، فلا يكون مما نحن فيه، وحينئذ لا معنى لقوله - يعني صدر الشريعة -: لا لمطلق الأمر، لأن الخصم لم يدع أنه لمطلق الأمر بل للمقيد بشرط أو وصف، قلت: قد سبق أن المراد بالأمر المطلق هو المجرد عن قرينة التكرار أو المرة سواء كان مؤقتًا بوقت أو معلقًا بشرط أو مخصوصًا بوصفه أو مجردًا عن جميع ذلك وحينئذ لا إشكال).
(٢) "شرح جمع الجوامع" مع "حاشية البناني" و "تقرير الشربيني" (١/ ٣٨٠).
(٣) انظر: "حاشية البناني على شرح جمع الجوامع" (١/ ٣٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>