للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بعد وفاته : فجميع نصوص الكتاب والسنّة محكمة، لا تقبل النسخ أو الإبطال.

وهكذا يمكن القول بأن كل ما يقوله العلماء عن احتمال النسخ بالنسبة للمفسَّر، أو غيره من: نص، أو ظاهر، فمجاله تلك الحِقبة الزمنية المباركة، وقد انتهى الأمر بانتهائها؛ لأنه لا يوجد بعد الرسول سلطة تشريعية، تملك نسخًا أو تبديلًا، واجتهادات الفقهاء التي تأتي من بعد، لا تمنع الاحتمال، حتى الإجماع؛ فإنه لا ينشئ حكمًا وإنما يكشف عن حكم.

هذا: ومن الواضح أن دلالة المفسَّر على الحكم، أقوى من دلالة النص، ومن دلالة الظاهر عليه؛ وما دام الأمر كذلك: فهو يقدَّم على أي واحد منهما، إذا حصل نوع من التعارض، ويُحمَل كلٌّ من النص والظاهر عليه (١).

[المطلب الرابع المحكم]

أما المحكَم: فهو (اللفظ الذي دلّ على معناه، دلالة واضحة قطعية، لا تحتمل تأويلًا، ولا تخصيصًا، ولا نسخًا حتى في حياة النبي ، ولا بعد وفاته بالأولى) وذلك كقوله سبحانه: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَليمٌ﴾ [البقرة: ٢٨٢، المائدة: ٢٣٦، المؤمنون: ٣٥] فقد ثبت بالدليل المعقول، أنه وصف دائم لا يجوز سقوطه.

والمحكَم: مأخوذ من أحكم: بمعنى أتقن، يقال: بناء محكم: أي مأمون الانقضاض، وقيل: هو من قول القائل: أحكمت فلانًا عن كذا، أي رددته ومنعته، ومنه قول أحدهم:

أبني حنيفة أحكِموا سفهاءَكم … إني أخاف عليكمو أن أغضبا


(١) انظر: "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٤٤)، "المنار" وشروحه (١/ ٣٥١) فما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>