للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل القاطع فيه: أن صيغة الأمر وجملة صيغ الألفاظ عن المصدر، والمصدر لا يقتضي استغراقًا، ولا يختص بالمرة الواحدة، والأمر استدعاء المصدر، فنزل على حكمه ووجب من ذلك القطع بالمرة الواحدة، والمتوقف فيما سواها، فإن المصدر لم يوضع للاستغراق وإنما هو صالح له لو وصف به. . . وذلك يستدعي إبانة بقرينة) (١).

وهكذا نرى هذا الكلام واضحًا في ثبوت ما ادعاء الآمدي عن إمام الحرمين في أن الأمر لمطلق الطلب، وأن المرة ضرورية للملك، أما توقفه فيما زاد على تلك المرة: فموضوع آخر. ولعل نقطة التوقف فيما وراء المرة التي هي ضرورية للامتثال، هي التي جلبته الالتباس للإسنوي، خصوصًا وأن إمام المحرمين معروف عنه الوقف في عدد من المواطن.

[الخلاف حول احتمال التكرار في المذاهب]

عرفنا أن أصحاب هذا المذهب هم الحنفية وكثير من محققي المتكلمين كإمام الحرمين والآمدي وابن الحاجب والرازي وغيرهم، والعلماء حين يتحدثون عن هذا المذهب والقاتلين به يتحدثون دون وضع فوارق ضمن المذهب بين الحنفية وغيرهم، غير أن هنالك أمرًا يدعونا للتساؤل، وهو احتمال التكرار الذي صرح به بعض المتكلمين كالآمدي، حين قرر أن الأمر لمطلق الطلب والمرة ضرورية لتحقق وجود المأمور به، ولكنه يحتمل التكرار، فإذا توافرت القرينة انصرف إليه (٢).

واستدل الآمدي على ذلك بأنه إذا قال إنسان لآخر: (صلّ أو صم) فقد أمره بإيقاع فعل الصلاة والصوم وهو مصدر (افعل) والمصدر محتمل للاستغراق والعدد، ولهذا يصح تفسيره به فإنه لو قال لزوجته: (أنت طالق


(١) "البرهان" (١/ لوحة ٤٧/ أ) مخطوط دار الكتب المصرية، نسخة مصورة.
(٢) قال الآمدي: (والمختار أن المرة الواحدة لا بد منها في الامتثال وهو معلوم قطعًا والتكرار محتمل فإن اقترن به قرينة أشعرت بإرادة المتكلم التكرار حمل عليه وإلا كان الاقتصار على المرة الواحدة كافية) "الإحكام" (٢/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>