للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثًا) وقع به ما كان تفسيرًا للمصدر وهو الطلاق، ولو اقتصر على قوله: (أنت طالق) لم يقع سوى طلقة واحدة مع احتمال اللفظ الثلاث (١).

هذا هو المذهب كما يراه الآمدي، ولكن ذلك لم يمنع علماء الأصول من الحنفية، من عد الآمدي وغيره، مع الحنفية القائلين بأن موجب الأمر مطلق الطلب، والمرة ضرورية للامتثال كما فعل صاحب "مسلم الثبوت" وغيره كصاحب "تيسير التحرير" وصاحب "التقرير والتحبير" (٢). مع تصريح السرخسي والبزدوي وغيرهما من قبلُ: أن الأمر لا يقتضي التكرار ولا يحتمله.

فهل من فارق بين الاتجاهين بعد التقائهما في أن الأمر لمطلق الطلب؟.

لقد اعتبر صاحب "مسلم الثبوت" أن الاتجاه واحد بين الحنفية، وبين من يقول بهذا القول من المتكلمين، حيث قال في حديثه عن مذهب الحنفية: (والأمر لطلب الفعل مطلقًا عندنا فيبرأ بالمرة ويحتمل التكرار) (٣).

فكلام صاحب "مسلم الثبوت" - كما ترى - يلتقي تمام الالتقاء مع كلام الآمدي، فكلاهما يقرر ضرورة المرة للامتثال، وكلاهما يقرر احتمال التكرار.

غير أن صاحب "سلم الوصول إلى نهاية السول" (٤) في شرحه لكلام الإسنوي، أورد كلام صاحب "مسلم الثبوت"، واعتبر من مجانبة الصواب التسوية بين اتجاهي الحنفية والمتكلمين، وقد قال في ذلك: (فالحنفية يقولون بأن الأمر لطلب الفعل مطلقًا وأنه لا يحتمل التكرار، لأن التكرار


(١) انظر: "الإحكام" (٢/ ٢٢٥).
(٢) راجع: "تيسير التحرير" (١/ ٣٥٣) "التقرير والتحبير" (١/ ٣١١).
(٣) راجع: "سلم الوصول إلى نهاية السول" للشيخ بخيت (٢/ ٢٧٤ - ٢٧٥).
(٤) هو الشيخ محمد بخيت بن حسين المطيعي من كبار رجال الأزهر في القرن الرابع عشر الهجري تولى إفتاء الديار المصرية سنة ١٩١٤ وتخرج على يديه كثير من العلماء، من مصنفاته: "سلم الوصول إلى نهاية السول"، "إرشاد الأمة إلى أحكام أهل الذمة". توفي سنة ١٣٥٤ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>