فالثابت بالعبارة: ظهور المنّة للوالد على الولد؛ لأن السياق يدل على ذلك، فقد أمر الله تعالى بالإحسان للوالدين، ثم بيّن السبب في جانب الأم، بأنها حملت الولد كرهًا على كره، ثم ذكر الحمل والفصال إيذانًا بأن مشقة الحمل لم تقتصر على زمن قليل، بل هي مع مشقات الرضاع معتدة هذه المدة.
وفي الآية أيضًا: إشارة إلى أن أقل مدة الحمل ستة أشهر؛ فقد ثبت في آية أخرى أن مدة الفصال حولان كما قال تعالى: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ [لقمان: ١٤] وبذلك يبقى للحمل ستة أشهر، وقد خفي ذلك على كثير من الصحابة ﵃ وأدرك غامضه ابن عباس أو علي ﵄، وقبل ذلك الصحابة واستحسنوه.
جاء في تفسير القرطبي عند هذا الموضوع:(قال ابن عباس: إذا حملت تسعة أشهر أرضعت واحدًا وعشرين شهرًا، وإن حملت ستة أشهر أرضعتْ أربعة وعشرين شهرًا. وروي أن عثمان قد أتي بامرأة قد ولدت في سنة أشهر فأراد أن يقضي عليها بالحد، فقال له علي ﵁: ليس ذلك عليها، قال الله تعالى: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] فالرضاع أربعة وعشرون شهرًا والحمل سنة أشهر، فرجع عثمان عن قوله ولم يحدَّها)(١).
[السرخسي وحديث الصدقة]
هذا وقد أفاض شمس الأئمة السرخسي في استنباط الأحكام عن طريق دلالة الإشارة، من بعض نصوص السنّة وذلك حين أورد في كتابه "الأصول" الحديث الوارد بشأن مستحقي هذه الصدقة وهو قوله عليه