للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التملك فيه، لا حق الملك فيه الذي هو بالفعل. ثم إن الأب يرث السدس من ولده مع وجود ولد الولد، فلو كان الكل ملكه لم يكن لغيره شيء (١).

٤ - ومن ذلك أن الأب لا يستوجب العقوبة بسبب ولده، فلا يقتل به إذا قتله، ولا يقام عليه حد القذف إذا اتهمه بالزنى (٢). وكذلك لا يستوجب الحبس بما لابنِه عليه من دَيْن، إلا ما كان من أمر النفقة، فإن الدَيْن المترتب عليها مستثنى، فيحبس به الوالد لما في قطعها من إتلاف نفس الولد (٣).

وكل هذه الأحكام ترتبت على حكم اختصاص النسب كما قدّمنا؛ فهي أحكام لم تُسَق الآية لبيانها، وإنما كانت لازمة لاختصاص الوالد بنسبة الولد إليه دون الأم.

ولقد جاء أبو بكر الجصاص على حكم عدم قتل الوالد بولده، واستدل له بقول الرسول فيما رواه عمر: "ولا يُقتل والد بولده" وبحديث ابن عباس: "لا يُقَادُ الوالد بولده" ثم قال: (وروي عن النبي أنه قال الرجل: "أنت ومالك لأبيك" فأضاف نفسه إليه بلفظ يقتضي الملك في الظاهر، والأب وإن كان غير مالك لابنه في الحقيقة؛ فإن ذلك لا يُسقط استدلالنا بإطلاق الإضافة لأن القود تسقطه الشبهة، وصحة هذه الإضافة شبهة في سقوطه) (٤).

٤ - ومن أمثلة الدلالة بالإشارة ما دلّ عليه قوله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا


(١) انظر: "فتح القدير على الهداية" (٣/ ٣٤٩)، "أنوار الحلك شرح المنار" (١/ ٢٥٤)، "حاشية ابن عابدين" (٣/ ٣٤٩).
(٢) قال السرخسي في "الأصول" (١/ ٢٣٧): (ولثبوت التأويل في نفسه وماله قلنا: لا يستوجب العقوبة بإتلاف نفسه ولا بوطء جاريته وإن علم حرمتها عليه).
(٣) جاء في "فتح القدير" (٣/ ٣٤٤): ولا يحبس والد - وإن علا - في دين والده - وإن سفل - إلا في النفقة؛ لأن في الامتناع إتلاف النفس ولا يحل للأب ذلك.
(٤) راجع: "أحكام القرآن" للجصاص (١/ ١٦٨ - ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>