للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشاهدي عدل" (١) فالشهادة في الحديث الأول جاءت مطلقة، وفي الحديث الثاني جاءت مقيدة، وكلاهما جاء في سياق الخبر.

[تفاوت مراتب المقيد]

وليست الألفاظ المقيَّدة كلها بمرتبة واحدة؛ فذلك تابع لكثرة القيود وقلتها، فبمقدار ما تكثر القيود أو تقل، تتفاوت مراتب المقيد في تقييده.

فالمقيد في قوله تعالى: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (٥)[التحريم: ٥] هو أعلى وأدخل في التقييد منه في قوله جلَّ وعلا: ﴿مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ﴾ لا غير وهكذا ....

* * *

المطلب الثاني حكم كلٍّ من المطلق والمقيد

أولًا: حكم المطلق:

من المسلم به أن اللفظ إذا ورد في نص من النصوص مطلقًا: فالأصل العمل به على إطلاقه إلا إذا وجد دليل التقييد. ففي معرض تفسير النص: ليس من حق المفسر أن يقلل من شيوع ذلك اللفظ المطلق، إلا إذا قام الدليل على التقييد، بحيث يثبت وجود ما يفيد أن المراد من اللفظ المطلق الشائع في أفراد كثيرة، فردٌ واحد معين مقيد بقيد ما: من شرط، أو وصف، أو غير ذلك مما يحدُّ من ذلك الشيوع، ويحصرُ مدلول اللفظ في دائرة معينة محدودة بذلك القيد، فالمطلق على إطلاقه حتى يثبت ما يقيده (٢).

قال الزركشي: (والضابط أن الله تعالى إذا حكم في شيء بصفة أو شرط، ثم ورد حكم آخر مطلقًا: نُظر، فإن لم يكن له أصل إلا ذلك


(١) انظر: المصدر السابق: ١/ ٣٦٠ فيما بعد، وراجع: "تخريج الفروع على الأصول" (ص ١٣٤).
(٢) "البرهان" للزركشي (٢/ ١٩) فما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>