للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التعريف الذي نراه]

لذا فمن الممكن تعريفه بأنه "اللفظ الذي يدل على الماهية بقيد بقلل من شيوعه " فهو يتناول عند دلالته على موضوعه واحدًا توفر فيه قيد من القيود.

فلفظ ﴿رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ مثلًا في قوله تعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] من الخاص العقيد، فالمراد بالتحرير: رقبة موصوفة بالإيمان، لا يجدي غيرها للخروج من عهدة الامتثال.

وفي قوله سبحانه: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ [النساء: ٩٢] قُيد الشهران بالتتابع.

وفي قوله: ﴿أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ [الأنعام: ١٤٥] قُيد الدم بكونه مسفوحًا.

ومن الأمثلة الثلاثة يتبين أن القيد جاء وصفًا زائدًا على حقيقة اللفظ نفسه، فـ "الإيمان" وصف زائد على حقيقة الرقبة نفسها، لأن الرقبة قد تكون مؤمنة وقد تكون كافرة. كما أن "التتابع" وصفٌ زائد على حقيقة الشهرين نفسيهما. كذلك "السفح" وصف زائد على حقيقة نفس الدم: فكان اللفظ في كل هذا من المقيد.

وهكذا تتبين لنا مقابلة المقيد للمطلق - كما أسلفنا -، فالمطلق خال من القيد في دلالته على الحقيقة، إذ الفرد الذي يدل هو عليه: شائع منتشر.

أما المقيد: فالفرد الذي يدل هذا المقيد عليه، غيرُ شائع في أفراده، إذ قلل من شيوعه قيد من القيود.

هذا: ويلاحظ أن كلًا من الإطلاق والتقييد، قد يكونان في سياق الأمر حينًا، وفي سياق الخبر حينًا آخر.

فمن الأول: قوله تعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [المجادلة: ٣] ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ فلفظ الرقبة هو في الآية الأولى مطلق، وفي الثانية مقيد وكلاهما جاء في سياق الأمر.

ومن الثاني: قوله : "لا نكاح إلا بولي وشهود" (١) "لا نكاح إلا بوَلي


(١) أخرجه البيهقي عن الحارث عن علي .

<<  <  ج: ص:  >  >>