للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي بكر الباقلاني، والغزالي، وأبي الحسين. وممن قال به أيضًا: القاضي عبد الجبار (١).

[دليل القول بمفهوم الغاية]

ولا نرى موجبًا للإطالة في استدلال كل من المثبتين والنافين لهذا المفهوم، فإن الأكثر قائلون به، والجمهور قد استدلوا له بالأدلة المثبتة لمفهوم الصفة؛ لأن الغاية قيد، والقيود أوصاف - في المعنى - للمقيَّد.

فالأدلة التي تدل على حجية مفهوم الصفة، تدل على حجية مفهوم الغاية، بهذا الاعتبار (٢).

وقالوا أيضًا: إن قول القائل: صوموا إلى أن تغيب الشمس، معناه: آخرُ وجوب الصوم غيبوبةُ الشمس، فلو قدّرنا ثبوت الوجوب بعد أن غابت الشمس، لم تكن الغيبوبة آخرًا وهو خلاف المنطوق (٣).

وقد أورد النافون لمفهوم الغاية على هذا الاستدلال: أن الكلام في الآخر نفسِه، لا فيما بعد الآخر؛ ففي قوله تعالى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: ٦] المرافق آخِر، وليس النزاع في دخول ما بعد المرافق (٤).

[رأينا في المسألة]

وفي رأينا، أن هذا الإيراد لا يقوى على رد القول بمفهوم الغاية؛ فإن كلمة (حتى) و (إلى) لانتهاء الغابة، والتقييد بحرف الغابة - كما هو معلوم من الوضع اللغوي - يدل على انتفاء الحكم عما وراء الغاية. ولهذا فإنه لو قال قائل لولده: لا تعط زيدًا درهمًا حتى يقوم، وأعطِ أخاك حتى يرضى،


(١) وقد نقل الشوكاني عن ابن القشيري قوله: وإليه ذهب معظم نفاة المفهوم، قال: (وحكى ابن برهان وصاحب "المعتمد" الاتفاق عليه). راجع: "الآمدي" (٣/ ١٣٣)، "إرشاد الفحول" (ص ١٨٣)، "تهذيب الوصول" للحلي (ص ٢٤ - ٢٥)، "منية اللبيب" للحسني (ص ١٠٨).
(٢) راجع: "زكي الدين شعبان" (ص ٦٨).
(٣) راجع: "مختصر المنتهى" مع "شرحه للعقد" (٢/ ١٨١).
(٤) راجع: المصدر السابق "الآمدي" (٣/ ١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>